هل يشكل قانون الفجوة المالية في لبنان أزمة جديدة للقطاع المصرفي؟

2025.11.05 - 04:50
Facebook Share
طباعة

يبدو أن مشروع قانون الفجوة المالية تحوّل إلى مرآة توضح عمق الأزمة البنيوية بين الدولة اللبنانية والقطاع المصرفي، أكثر من كونه مجرد أداة تقنية لمعالجة الخسائر فالخلاف بين وزير المالية ياسين جابر وجمعية المصارف لا يتصل بالتفاصيل فحسب، بل بمن يتحمّل الكلفة السياسية والاقتصادية لانهيار النظام المالي.

وفق خبراء، تحاول وزارة المالية بناء سردية جديدة ترتكز على "توزيع عادل للخسائر" بين الدولة والمصارف والمودعين، ضمن إطار إصلاح شامل يفتح الباب أمام استعادة الثقة الدولية لكن في المقابل، ترى المصارف أن هذه المقاربة تُحمّلها ما يتجاوز قدرتها الفعلية، وتتعامل مع الأزمة كأنها نتاج سياسات مالية لا يد لها فيها.
هذا الصراع الخفي بين الطرفين يعبّر عن أزمة أعمق تتعلق بموقع كل طرف في مرحلة ما بعد الانهيار، وبمن سيتولى صياغة مستقبل الاقتصاد اللبناني.

اللقاء الأخير بين الوزير جابر وجمعية المصارف لم يبدّد حالة الشك المتبادل، رغم اللغة الإيجابية التي تبنّاها الطرفان. فالتفاؤل الرسمي لا يخفي واقع التباين في الجوهر، حيث ترفض المصارف أي صيغة تضعها في موقع “المتهم الدائم”، بينما تسعى الوزارة إلى استعادة زمام المبادرة عبر تشريعٍ يحدّد المسؤوليات ويضع سقفاً للخسائر.

توقيت النقاش يضيف طبقة جديدة من التعقيد، إذ تقترب البلاد من استحقاق انتخابي يجعل أي قرار مالي حساساً سياسياً، ويؤجل الحسم إلى ما بعد أيار المقبل هذا التأجيل المستمر يجعل من الفجوة المالية عنواناً لأزمة الثقة، لا فقط بين الدولة والمصارف، بل بين المنظومة المالية والمجتمع بأكمله.

في الجوهر، لا يبدو أن الخلاف يتعلق بالأرقام أو نسب الخسائر بقدر ما يتصل بمن يملك حق كتابة السطر الأخير في رواية الانهيار فالدولة تحاول ترميم شرعيتها عبر تحميل القطاع المصرفي جزءاً من المسؤولية، فيما تعتبر المصارف أن بقاءها شرط أساسي لاستقرار أي تسوية اقتصادية مستقبلية.

في ضوء ذلك، يبدو أن مشروع قانون الفجوة المالية سيتجاوز طبيعته المحاسبية إلى كونه لحظة اختبار للثقة السياسية والاقتصادية بين مكونات النظام اللبناني ومن دون هذا التفاهم، سيبقى القانون مجرّد عنوان مؤجّل لأزمة لم تُحسم بعد. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 7 + 6