موجة لبنانية في المدن الأميركية.. صعود المهاجرين يعيد رسم الخريطة السياسية المحلية

2025.11.05 - 03:11
Facebook Share
طباعة

شهدت الانتخابات البلدية الأميركية التي جرت مساء الثلاثاء 4 نوفمبر 2025، تحولًا لافتًا في مشهد القيادة المحلية، مع فوز ثلاثة سياسيين من أصول عربية وإسلامية بمناصب رفيعة، أبرزهم الشاب المسلم زهران ممداني الذي انتُخب عمدةً لمدينة نيويورك، إلى جانب مو بيضون وعبد الله حمود، وهما أمريكيان من أصل لبناني فازا برئاستي بلديتي ديربورن هايتس وديربورن في ولاية ميشيغان.
تقدّمٌ يعكس صعود جيلٍ جديد من القيادات المهاجرة القادرة على إعادة تشكيل المزاج السياسي في المدن الأميركية الكبرى.

 


في مدينة نيويورك، التي تُعدّ القلب المالي والسياسي للولايات المتحدة، فجّر زهران ممداني مفاجأة انتخابية غير مسبوقة بفوزه الساحق في سباق رئاسة البلدية، متفوّقًا على المرشحين التقليديين من الحزبين الديمقراطي والجمهوري.
ممداني، وهو شاب من أصول هندية ومسلم الديانة، يُعدّ من أبرز وجوه التيار التقدمي داخل الحزب الديمقراطي، وقد بنى حملته على قضايا العدالة الاقتصادية والسكن والنقل العام، مؤكدًا أن "نيويورك يمكن أن تكون مدينة للناس، لا للأغنياء فقط".
فوزه اعتُبر "زلزالًا سياسيًا" في الإعلام الأميركي، بالنظر إلى رمزيته ومضمون رسالته السياسية التي تستهدف مواجهة سياسات النخبة الحاكمة في المدينة منذ عقود.

أما في ولاية ميشيغان، حيث تشكل الجالية العربية واحدة من أكبر التجمعات السكانية، فقد فاز مو بيضون، الأميركي من أصل لبناني من بلدة بنت جبيل الجنوبية، بمنصب عمدة ديربورن هايتس، بنسبة 68% من الأصوات، ليخلف العمدة السابق بيل بزي الذي تولّى مؤخرًا منصب السفير الأميركي في تونس.
بيضون، الذي شغل سابقًا منصب القائم بأعمال العمدة، أكّد عقب فوزه أن أولوياته ستكون "تعزيز الخدمات العامة، وتحقيق توازن بين الأمن والتنمية المحلية".

وفي المدينة المجاورة، ديربورن، جدّد الناخبون الثقة في عبد الله حمود، الذي فاز بولاية ثانية على رأس بلدية المدينة.
حمود، البالغ من العمر 35 عامًا، كان أول عربي ومسلم يتولى هذا المنصب عام 2021، وقد ركّز في حملته الجديدة على قضايا التنمية الحضرية وتحسين البنية التحتية والخدمات التعليمية.
وفي أول تعليق له كتب على إنستغرام:

> "فزنا.. هذا الانتصار لكل من يؤمن بمدينتنا وبمستقبلها. ديربورن قوية لأننا نقف معًا."

 

تشير النتائج إلى تصاعد تأثير الأقليات العربية والإسلامية في المعادلة السياسية الأميركية، خصوصًا في المدن التي تشهد تغيّرات ديموغرافية واضحة.
تاريخيًا، كانت المشاركة السياسية لهذه المجموعات محدودة، لكنها اليوم تحوّلت إلى قاعدة انتخابية مؤثرة، قادرة على إيصال ممثلين عنها إلى مواقع تنفيذية مؤثرة.
ويرى محللون أن فوز ممداني في نيويورك قد يعيد خلط الأوراق داخل الحزب الديمقراطي، حيث يعبّر عن تيارٍ يساريٍ جديد يسعى إلى تحدي المؤسسة التقليدية التي يمثلها جناح جو بايدن.
في المقابل، يُتوقع أن يواجه العمد الجدد اختبارًا صعبًا في إدارة مدنهم، وسط توازنات معقّدة بين المجالس المحلية، وضغوط مؤسسات الأمن والمصالح الاقتصادية.

 

مدينة ديربورن، التي تُعرف تاريخيًا بأنها مركز الجالية اللبنانية والعربية في الولايات المتحدة، باتت اليوم نموذجًا لتحول القوة الناعمة للمهاجرين إلى نفوذ سياسي فعلي.
أما نيويورك، المدينة التي كانت مهدًا لترامب في الثمانينيات والتسعينيات، فهي اليوم تشهد وصول أول مسلم تقدّمي إلى موقع العمدة، في مفارقة سياسية تعبّر عن تبدّل المزاج العام داخل المجتمع الأميركي.
ويرى مراقبون أن هذا التحوّل المحلي قد يكون مقدمة لموجة أوسع من التغيير داخل المشهد الوطني الأميركي قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 3 + 8