في تصريحات تعكس تصلب الموقف الإسرائيلي ورفض أي حلول سياسية قريبة، أكد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أن إسرائيل "لن تتوقف حتى نزع سلاح حركة حماس من قطاع غزة"، مشددًا على أن سياسة تل أبيب في القطاع "واضحة وثابتة"، في وقت تتصاعد فيه الانتقادات الداخلية والخارجية لاستمرار العدوان وسط مأزق ميداني وسياسي خانق.
قال كاتس، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام عبرية اليوم الأربعاء، إن إسرائيل ملتزمة بإعادة جميع جثث المحتجزين من قطاع غزة، مضيفًا: "سنواصل العمل حتى تحقيق المهمة، ولن نتوقف حتى إتمام نزع سلاح حماس من القطاع."
وأوضح أن الجيش الإسرائيلي يواصل عملياته داخل ما وصفها بـ"المنطقة الصفراء"، في إشارة إلى المناطق التي يزعم الاحتلال أنه يسيطر عليها ميدانيًا، حيث تُنفذ عمليات لتدمير الأنفاق وملاحقة عناصر المقاومة الفلسطينية.
وأضاف وزير الدفاع الإسرائيلي أن الهدف من هذه العمليات يتجاوز استعادة جثث الجنود إلى تفكيك كامل لقدرات المقاومة الفلسطينية في غزة، بما في ذلك الصواريخ والأنفاق وبنية الاتصالات.
تصريحات كاتس تأتي بعد إعلان الجيش الإسرائيلي استعادة جثة الجندي الأسير الرقيب أول إيتاي تشين (19 عامًا)، الذي كان محتجزًا لدى المقاومة الفلسطينية منذ شهور. وأكد الجيش أنه "تحقق من هويته بعد الفحص في المعهد الوطني للطب الشرعي بالتعاون مع الشرطة والحاخامية العسكرية".
وبحسب القناة 12 الإسرائيلية، فإن تشين يُعد آخر أسير يحمل الجنسية الأمريكية إلى جانب الإسرائيلية تُستعاد جثته من غزة، ما جعل تل أبيب تعتبر العملية رمزية في ظل ضغط عائلات الأسرى وتراجع الروح المعنوية داخل المجتمع الإسرائيلي.
في المقابل، أعلن المتحدث باسم الجيش أن إسرائيل "مستعدة للاستمرار في تنفيذ الاتفاق" المتعلق بملف الأسرى، لكنها طالبت حركة حماس "بالوفاء بدورها" لإعادة بقية الجثث والرهائن، في خطوة يرى مراقبون أنها محاولة لتحميل المقاومة مسؤولية فشل التفاهمات التي ترعاها أطراف إقليمية ودولية منذ أسابيع.
تصريحات كاتس تعيد التذكير بموقف اليمين الإسرائيلي المتشدد، الذي يرفض أي تهدئة أو اتفاق تبادل قبل تحقيق هدف “نزع سلاح غزة”، وهو شعار ترفعه الحكومة منذ بداية العدوان دون أن تنجح ميدانيًا في فرضه.
ويرى مراقبون أن كاتس – الذي يمثل الجناح الأمني الأكثر قربًا من نتنياهو – يسعى من خلال هذه التصريحات إلى استعادة السيطرة على الخطاب الداخلي الإسرائيلي، في ظل تصاعد الانتقادات داخل الكنيست والشارع بشأن فشل الحكومة في تحقيق أهدافها المعلنة منذ عام من الحرب.
وبينما تتحدث تل أبيب عن السيطرة على “المنطقة الصفراء” داخل القطاع، تؤكد تقارير ميدانية من الإعلام الإسرائيلي نفسه أن جيش الاحتلال يواجه استنزافًا متواصلاً في الأرواح والمعدات، وأن كتائب القسام وكتائب المقاومة الأخرى لا تزال تفرض حرب أنفاق ومعارك خاطفة أربكت الجيش في مناطق مثل رفح وخانيونس ومخيم الشاطئ.
ويعتبر مراقبون أن نبرة كاتس لا تعكس فقط تصعيدًا عسكريًا، بل أيضًا محاولة لطمأنة الحلفاء داخل اللوبي الصهيوني في واشنطن، خاصة بعد تنامي الأصوات المعارضة في الكونغرس لاستمرار الدعم العسكري غير المشروط لإسرائيل، في ظل التقارير الأممية التي تتحدث عن جرائم حرب وتطهير جماعي في غزة.
في الوقت الذي يحاول فيه كاتس رسم صورة "الانتصار الوشيك"، تبدو إسرائيل غارقة في مأزقٍ معقد، لا قادرة على القضاء على حماس، ولا راغبة في وقف حرب فقدت أهدافها السياسية والأخلاقية.
أما حديثه عن “نزع سلاح غزة”، فيراه المحللون أقرب إلى الخطاب الدعائي الذي يهدف إلى تهدئة الداخل الإسرائيلي الغاضب، أكثر من كونه خطة واقعية يمكن تحقيقها على الأرض.
ويبقى السؤال: إلى متى ستواصل تل أبيب حربها المفتوحة على غزة دون أن تجد طريقًا للخروج؟