اللوبي الصهيوني في حالة استنفار.. فوز زهران ممداني في نيويورك يهزّ مركز النفوذ الإسرائيلي بأمريكا

2025.11.05 - 12:42
Facebook Share
طباعة


أثار فوز زهران ممداني، السياسي اليساري من أصول مسلمة، في انتخابات رئاسة بلدية نيويورك، عاصفة من القلق داخل الأوساط السياسية والإعلامية في إسرائيل، التي وصفت الحدث بأنه “زلزال سياسي” داخل واحدة من أهم معاقل النفوذ اليهودي في الولايات المتحدة. فبينما اعتبره اليسار الأمريكي انتصارًا لـ"التعددية والتغيير"، رأت فيه تل أبيب تهديدًا مباشرًا لنفوذها التقليدي في أكبر مدينة أمريكية.

 


منذ إعلان النتائج الأولية التي أكدت فوز ممداني، تسارعت ردود الفعل الإسرائيلية التي بدت متوترة بشكل غير مسبوق تجاه انتخاب شخصية عُرفت بانتقاداتها الحادة لسياسات الاحتلال الإسرائيلي، ودعمها العلني لحقوق الشعب الفلسطيني.

نائبة وزير الخارجية الإسرائيلية شارين هاسكل عبّرت في تصريحات لصحيفة جيروزاليم بوست عن "قلق عميق" من فوز ممداني، مشيرة إلى أن "تاريخه في الخطاب المعادي لإسرائيل والمعادي لليهود" يجعل انتخابه "تطورًا مقلقًا للجالية اليهودية في نيويورك". وأكدت أن تل أبيب ستواصل "العمل مع القادة المحليين لضمان سلامة اليهود وكرامتهم"، في إشارة إلى سعي إسرائيلي لاحتواء أي تأثير سياسي محتمل لممداني داخل المدينة.

أما زعيم حزب "إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان، فقد استخدم لغة أكثر حدة، قائلاً: "التفاحة الكبيرة سقطت.. رجل دعم حماس وهاجم إسرائيل وانتُخب عمدةً لنيويورك!". ووصف فوز ممداني بأنه "جرس إنذار مدوٍ لليهود"، داعياً إياهم إلى "الهجرة إلى وطنهم الحقيقي، أرض إسرائيل"، على حد قوله.

وفي لهجة لا تخلو من العنصرية، أضاف ليبرمان أن انتخاب ممداني بعد ثلاثة عقود من هجمات 11 سبتمبر "يعني أن نيويورك اختارت عمدة شيعياً، إسلامياً، ومعادياً للغرب"، معتبرًا ذلك "نذير خطر على مستقبل اليهود الأمريكيين".

بدوره، قال وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير إن فوز ممداني "يمثل لحظة انتصار لمعاداة السامية على المنطق السليم"، بينما اعتبر عضو الكنيست أوهاد طال أن النتيجة تُظهر "هيمنة الفكر التقدمي المستيقظ (woke)" في السياسة الأمريكية، محذرًا من أن "اليهود في أمريكا بحاجة إلى حماية أنفسهم، وإسرائيل ستظل ملاذهم الآمن".

وتكشف هذه التصريحات مجتمعة حالة من الهلع داخل المؤسسة الإسرائيلية، التي تخشى فقدان أحد أهم أدوات تأثيرها في السياسة الأمريكية المحلية، لاسيما أن بلدية نيويورك لطالما اعتُبرت مركزًا رمزيًا وماديًا للنفوذ الصهيوني والإعلامي والمالي في الولايات المتحدة.

ويُذكر أن ممداني، وهو نجل مهاجرين من أوغندا، تبنّى مواقف تقدمية واضحة خلال حملته الانتخابية، أبرزها الدعوة لوقف تمويل الشرطة، وانتقاده الحاد لسياسات إسرائيل في غزة، بل وتصريحه الشهير بأنه "سيصدر مذكرة اعتقال بحق بنيامين نتنياهو إذا دخل نيويورك"، في إشارة رمزية إلى رفضه العدوان الإسرائيلي المتكرر على الفلسطينيين.

 


يرى مراقبون أن فوز ممداني لا يقتصر على بُعده المحلي داخل الولايات المتحدة، بل يحمل دلالات جيوسياسية تمس توازن العلاقات الأمريكية–الإسرائيلية، في وقت تتزايد فيه الانتقادات داخل الحزب الديمقراطي لسياسات الاحتلال الإسرائيلي في غزة والضفة.

كما يعكس انتخابه تصاعد نفوذ التيار التقدمي المناهض للوبي الصهيوني داخل المدن الأمريكية الكبرى، لا سيما بين الجاليات المسلمة والسوداء واللاتينية، التي باتت تشكل قاعدة انتخابية مؤثرة في مواجهة نفوذ المال السياسي الموالي لإسرائيل.

ويرى بعض المحللين في تل أبيب أن هذا الحدث قد يكون نقطة تحول في صورة إسرائيل داخل الولايات المتحدة، بعد عقود من الهيمنة الدعائية التي جعلت انتقادها يُعتبر "تابو سياسيًا". فاليوم، عمدة نيويورك – المدينة التي توصف بـ"العاصمة الإعلامية لليهود في العالم" – هو شخص أعلن صراحة رفضه للاحتلال الإسرائيلي، وساند الفلسطينيين في العلن.

 


بينما تحتفل الدوائر التقدمية الأمريكية بانتخاب زهران ممداني كأول مسلم يتولى رئاسة بلدية نيويورك، تعيش إسرائيل حالة من الارتباك الوجودي أمام هذا التحول الرمزي العميق.
فما جرى في نيويورك قد لا يكون مجرد فوز انتخابي، بل إشارة إلى أفول حقبةٍ كانت فيها تل أبيب تُملي إيقاعها على السياسة الأمريكية من خلف الكواليس.
والسؤال الذي يشغل العواصم اليوم: هل تكون نيويورك – التي كانت تُلقب بـ"يهود يورك" – بداية مرحلة جديدة من التوازن في الخطاب الأمريكي تجاه فلسطين؟

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 1