في خطوة مفاجئة تعكس تحولًا في مقاربة واشنطن للملف السوري، تقدمت الولايات المتحدة بمشروع قرار إلى مجلس الأمن الدولي يدعو إلى رفع العقوبات المفروضة على الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع، قبل أيام من زيارته المرتقبة إلى واشنطن ولقائه المقرر مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 10 نوفمبر الجاري.
التحرك الأمريكي يأتي في سياق سياسي حساس، إذ تحاول واشنطن إعادة رسم علاقتها مع القيادة السورية المؤقتة في ظل التغيرات الإقليمية والجمود العسكري الذي يطبع الساحة السورية منذ أشهر.
ينص مشروع القرار الأمريكي، وفقًا لمصادر دبلوماسية، على رفع العقوبات عن أحمد الشرع وعن وزير الداخلية السوري أنس خطاب، دون أن يتضح بعد الموعد المقرر لطرحه للتصويت في مجلس الأمن. ويتطلب القرار موافقة تسعة أعضاء على الأقل، شرط ألا تستخدم أي من الدول الخمس الدائمة العضوية (روسيا، الصين، فرنسا، بريطانيا، الولايات المتحدة) حق النقض (الفيتو).
المبادرة الأمريكية تأتي بعد أشهر من الضغط الدبلوماسي الذي مارسته واشنطن داخل مجلس الأمن لتخفيف العقوبات على دمشق، في إطار ما تصفه إدارة ترامب بأنه "تشجيع على الانتقال السياسي المنضبط"، بينما يرى مراقبون أن الخطوة تمثل محاولة أمريكية لاحتواء الدور الروسي والإيراني في سوريا عبر إعادة تأهيل القيادة المؤقتة بقيادة الشرع.
من جهتها، لم تصدر موسكو أو بكين أي تعليق رسمي حتى الآن، إلا أن مصادر روسية مطلعة تحدثت عن تحفظات جدية على المشروع، معتبرة أنه "يتجاوز صلاحيات مجلس الأمن ويتعارض مع قرارات سابقة" فرضت العقوبات في الأساس على خلفية الانتهاكات الواسعة خلال الصراع السوري.
أما في الداخل السوري، فقد أثارت الأنباء جدلاً واسعًا بين القوى المعارضة، إذ رحب البعض بما اعتبروه "نافذة لانفراج سياسي محتمل"، فيما حذر آخرون من أن زيارة الشرع إلى واشنطن قد تمثل تطبيعًا سياسيًا مبكرًا قبل تحقيق أي تقدم حقيقي في العملية الانتقالية.
أحمد الشرع الرئيس السوري المؤقت منذ تشكيل الحكومة الانتقالية بدعم غربي – عربي قبل أكثر من عام، عقب اتفاق هش رعته الأمم المتحدة لإنهاء حالة الفراغ السياسي في البلاد. ورغم ذلك، ما زال الشرع يواجه عقوبات اقتصادية وشخصية صادرة عن الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، تشمل تجميد الأصول وحظر السفر.
رفع العقوبات قبل زيارته إلى واشنطن قد يشكل تغييرًا جوهريًا في الموقف الأمريكي، وربما تمهيدًا لإعادة دمج سوريا تدريجيًا في المنظومة الدبلوماسية الغربية. كما أن اللقاء المرتقب بين الشرع وترامب، إذا تم، سيكون الأول من نوعه منذ اندلاع الحرب السورية في 2011 بين رئيس أمريكي وزعيم سوري، ولو في إطار مؤقت.
لكن هذا التحول يطرح أيضًا تساؤلات حول دوافع واشنطن الحقيقية: هل تسعى إلى إعادة تشكيل المشهد السوري بما يخدم استراتيجيتها، أم أن الأمر مجرد خطوة رمزية ضمن حملة علاقات عامة تعيد تموضع الإدارة الأمريكية في الشرق الأوسط قبل الانتخابات المقبلة؟