يشهد إقليم دارفور السوداني موجة نزوح جديدة هي الأكبر منذ أشهر، بعد سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر، آخر معاقل الجيش السوداني في ولاية شمال دارفور. ووفقًا لتقرير صادر عن المنظمة الدولية للهجرة، فإن أكثر من 70 ألف شخص اضطروا لمغادرة منازلهم خلال أسبوع واحد فقط، بين 26 أكتوبر و2 نوفمبر، في ظل تصاعد الانتهاكات والانفلات الأمني في المنطقة.
أوضحت المنظمة الدولية للهجرة، عبر برنامجها الخاص بتتبع النزوح، أن أغلب الفارين من الفاشر اتجهوا إلى مناطق داخل المدينة نفسها وإلى مدينة طويلة المجاورة، فيما يعاني آلاف المدنيين من أوضاع إنسانية كارثية مع محدودية الوصول إلى الغذاء والمياه والرعاية الطبية.
التقرير أشار أيضًا إلى أن 8631 شخصًا نزحوا خلال يومي 1 و2 نوفمبر فقط، ما يعكس تسارع وتيرة النزوح واستمرار تدهور الوضع الأمني في الطرق المؤدية إلى المدينة، حيث تنتشر نقاط التفتيش المسلحة وعمليات النهب والاستهداف العشوائي.
تزامنًا، تحدثت مصادر محلية عن وقوع انتهاكات مروعة بحق المدنيين، شملت عمليات قتل ونهب واغتصاب، في حين تحذر منظمات إنسانية من أن السيطرة الكاملة لـ"الدعم السريع" على الفاشر قد تمهّد لانهيار الوضع في بقية مناطق شمال وغرب دارفور.
المدينة التي كانت مركزًا تجاريًا رئيسيًا ومأوى للنازحين منذ اندلاع الحرب بين الجيش والدعم السريع في أبريل 2023، تحولت اليوم إلى بؤرة نزاع جديدة، مع انقطاع الإمدادات وغياب المؤسسات الرسمية، ما يهدد بتكرار سيناريو الجنينة المأساوي الذي شهد مذابح واسعة قبل أشهر.
وبحسب المنظمة الدولية للهجرة، يواصل برنامج تتبع النزوح مراقبة الأوضاع ميدانيًا، مؤكدة أن التقارير القادمة ستتضمن بيانات تفصيلية عن حركة النزوح داخل السودان، في ظل اتساع رقعة الصراع وتزايد عدد المناطق المنكوبة.
تأتي هذه التطورات بينما يعيش السودان أسوأ أزماته الإنسانية منذ عقود، إذ تجاوز عدد النازحين داخليًا 9 ملايين شخص، وفق بيانات الأمم المتحدة. وتشير تقديرات المراقبين إلى أن الصراع بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) بات يهدد بتفكيك ما تبقى من الدولة السودانية، مع غياب أي أفق سياسي للحل واستمرار الانتهاكات ضد المدنيين في دارفور وولايات كردفان والخرطوم.