عاد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى واجهة الجدل السياسي مجددًا، بعدما دعا الجمهوريين في مجلس الشيوخ إلى استخدام ما وصفه بـ"الخيار النووي" لإنهاء قاعدة "العرقلة التشريعية" (filibuster)، محذرًا من أن استمرار العمل بها قد يؤدي إلى "انتخابات وحشية" وسيطرة ديمقراطية كاملة على مفاصل الحكم في الولايات المتحدة.
في منشور ناري عبر منصته "تروث سوشيال"، صعّد ترامب من لهجته تجاه قيادات الحزب الجمهوري في الكونغرس، مطالبًا إياهم بـ"التصرف قبل فوات الأوان" عبر إلغاء قاعدة التعطيل التي تتيح لـ41 من أعضاء مجلس الشيوخ (من أصل 100) منع تمرير القوانين أو تعطيل مناقشتها.
وقال ترامب إن "سياسة المماطلة" تمنح الديمقراطيين "قدرة خارقة" على شل أي مبادرة تشريعية للحزب الجمهوري، مؤكدًا أن استمرارها يعني أن الحزب لن يتمكن من تنفيذ ما وصفه بـ"سياسات الحس السليم"، في إشارة إلى ملفات الهجرة، والضرائب، والحدود، وملف التحول الجنسي في الرياضة والمدارس.
وأوضح الرئيس السابق أن بقاء هذه القاعدة سيقود إلى "شلل كامل في عمل الكونغرس"، مضيفًا: "لثلاث سنوات لن يمرر أي شيء، وسيلوم الجميع الجمهوريين. ستكون الانتخابات، بما فيها انتخابات التجديد النصفي، وحشية تمامًا."
ترامب حذر أيضًا من أن فشل الجمهوريين في التحرك سيمنح الديمقراطيين فرصة لتوسيع نفوذهم التشريعي، عبر إضافة ولايتين جديدتين — واشنطن العاصمة وبورتوريكو — ما يعني أربعة أعضاء ديمقراطيين إضافيين في مجلس الشيوخ وثمانية أصوات انتخابية جديدة، إلى جانب احتمال "توسيع المحكمة العليا" لتضم قضاة جدد يعينهم الديمقراطيون.
من الناحية الإجرائية، يمثل "الخيار النووي" سابقة خطيرة في الأعراف السياسية الأمريكية، إذ يسمح بإلغاء شرط الحصول على 60 صوتًا لتمرير التشريعات والاكتفاء بالأغلبية البسيطة (51 صوتًا). وقد استخدم الديمقراطيون هذا الخيار جزئيًا سابقًا لتسهيل تمرير تعيينات قضائية، لكن لم يُطبّق على جميع مشاريع القوانين.
في المقابل، يرى محللون أن دعوة ترامب لا تنفصل عن محاولاته لإعادة السيطرة على الحزب الجمهوري تمهيدًا للانتخابات الرئاسية المقبلة، إذ يسعى إلى ترسيخ صورته كقائد قادر على "تطهير النظام" من القواعد التي يعتبرها معيقة لـ"الإرادة الشعبية"، بينما يحذر خصومه من أن تطبيق هذا الخيار سيقضي على التوازن التقليدي في الكونغرس ويفتح الباب أمام تشريع أحادي يفاقم الانقسام الحزبي.
تأتي تصريحات ترامب في ظل مأزق جديد يعيشه الكونغرس الأمريكي، بعد فشل الجمهوريين والديمقراطيين في التوصل إلى اتفاق بشأن قانون الميزانية، ما تسبب في شلل حكومي جزئي. وتعيد هذه الأزمة إلى الأذهان حالة الانقسام الحاد التي شهدتها الولايات المتحدة خلال ولاية ترامب (2017–2021)، حين تحولت الخلافات بين الحزبين إلى صدام مفتوح طال المؤسسات القضائية والإعلامية.
وفي حال قرر الجمهوريون فعلاً تبني "الخيار النووي"، فإن ذلك سيعيد تشكيل المشهد التشريعي الأمريكي برمته، في سابقة قد تغيّر قواعد اللعبة السياسية لعقود قادمة.