عون يدعو إلى دور أوروبي فاعل لإرغام إسرائيل على الالتزام بالقرارات الدولية

لبنان يتمسك بخيار التفاوض الوطني ويحمّل تل أبيب مسؤولية خرق اتفاق وقف إطلاق النار

2025.11.04 - 04:32
Facebook Share
طباعة

في ظل تصاعد التوتر على الحدود اللبنانية–الإسرائيلية، دعا الرئيس اللبناني جوزيف عون المجتمع الدولي إلى ممارسة ضغط حقيقي على إسرائيل للانسحاب من الأراضي اللبنانية التي ما زالت تحتلها، والبدء في عملية إعادة الإعمار في المناطق الجنوبية المتضررة من القصف.
وأكد عون أن خيار التفاوض لإنهاء الاحتلال هو “خيار وطني لبناني جامع” يهدف إلى تثبيت السيادة اللبنانية، لكنه شدد في الوقت نفسه على أن إسرائيل “لم تُبدِ أي تجاوب مع هذا المسار، بل تواصل اعتداءاتها اليومية”.

 

جاءت تصريحات الرئيس اللبناني خلال استقباله وزير الدفاع الهولندي روبن بريكلمنس في قصر بعبدا، حيث شدد على أن استقرار لبنان يشكّل مصلحة أوروبية مشتركة، داعياً دول الاتحاد الأوروبي إلى لعب دور فاعل في “الضغط على إسرائيل لوقف اعتداءاتها على لبنان والانسحاب من الأراضي التي ما زالت تحتلها”.
ولفت إلى أن “الدعم الأوروبي أساسي للبنان في هذه المرحلة الدقيقة”، مشيراً إلى أن بلاده تتطلع إلى موقف أوروبي موحد يدعم تطبيق القرارات الدولية، وعلى رأسها القرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن، والذي ينص على وقف الأعمال العدائية وانسحاب القوات الإسرائيلية إلى ما وراء الخط الأزرق.

خرق متواصل للاتفاقات الدولية

وجدد الرئيس عون تأكيده أن لبنان التزم بتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في نوفمبر 2024 برعاية أميركية–فرنسية، بينما تواصل إسرائيل خرق الاتفاق عبر عمليات القصف المتكررة على الجنوب والبقاع، واحتفاظها بأسرى لبنانيين، في مخالفة واضحة للقرارات الدولية.
وقال إن الجيش اللبناني “يواصل أداء مهامه في جميع المناطق” ضمن خطة أمنية شاملة تهدف إلى ضبط الحدود ومنع أي مظاهر مسلحة خارج سلطة الدولة، مشيراً إلى أن “الجيش يمتلك الجهوزية الكاملة لتأمين الاستقرار، رغم الظروف الاقتصادية والضغوط السياسية”.

المفاوضات وآلية “الميكانيزم”

وفي لقائه مع مساعد وزير الخارجية البريطاني لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا هاميش فلكونر، أكد الرئيس اللبناني ضرورة تفعيل لجنة المراقبة المعروفة بـ"الميكانيزم"، وهي آلية لبنانية–دولية تضم ممثلين مدنيين وعسكريين، تم تشكيلها لمتابعة تنفيذ بنود اتفاق وقف إطلاق النار.
وأوضح أن اللجنة تمتلك تفاصيل ميدانية دقيقة عن عمل الجيش في “تنظيف الجنوب من المظاهر المسلحة”، بما في ذلك إقفال الأنفاق ومصادرة الذخائر، بهدف جعل المنطقة الجنوبية “خالياً من أي وجود مسلح خارج إطار القوات الشرعية”.

إسرائيل تواصل التصعيد

وبينما يؤكد لبنان التزامه بالاتفاقات، تواصل إسرائيل عملياتها العسكرية المكثفة على المناطق الحدودية منذ مطلع أكتوبر الماضي. وقد حذر الجيش الإسرائيلي في تصريحات رسمية من “تعاظم قدرات حزب الله”، مهدداً بتوسيع نطاق عملياته داخل العمق اللبناني “إذا استمر الحزب في تعزيز ترسانته”.
في المقابل، ترى بيروت أن تل أبيب تسعى عبر التصعيد إلى فرض وقائع ميدانية جديدة قبل أي جولة تفاوض مرتقبة، وتستخدم ذريعة “تهريب السلاح من سوريا” لتبرير هجماتها، رغم نفي لبنان المتكرر لتلك المزاعم.

معركة السيادة والقرار

تكشف تصريحات الرئيس عون عن تحول في الخطاب الرسمي اللبناني باتجاه تثبيت خيار التفاوض دون التفريط في الثوابت الوطنية، في مقابل رفض الضغوط الغربية لنزع سلاح حزب الله بشكل أحادي.
ويشير مراقبون إلى أن الاصطفاف الأوروبي إلى جانب المطالب الإسرائيلية في بعض الملفات الأمنية لا يزال يثير تحفظات لبنانية، خصوصاً في ظل غياب أي التزامات واضحة من تل أبيب بوقف خروقاتها أو الإفراج عن الأسرى اللبنانيين.
ويرى محللون أن الموقف اللبناني اليوم يعكس توازناً دقيقاً بين الواقعية السياسية والحفاظ على السيادة، إذ يحاول عون توظيف الغطاء الأوروبي لكبح العدوان الإسرائيلي من دون الانزلاق إلى تسويات تُضعف الموقف الوطني الداخلي.

 

بين الضغوط الدولية وتنامي الاعتداءات الإسرائيلية، يجد لبنان نفسه أمام مفترق حاسم: فإما أن ينجح في تثبيت حقه السيادي عبر مسار تفاوضي مدعوم دولياً، أو أن تستمر إسرائيل في سياسة “القضم التدريجي” للأراضي اللبنانية، ما يهدد بعودة المواجهة العسكرية الشاملة في الجنوب.
وفي كل الأحوال، يبدو أن لبنان الرسمي ماضٍ في مسعاه لتثبيت معادلة الردع والسيادة، عبر التمسك بخيار التفاوض الوطني المشروط بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي كلياً.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 5