ما وراء أزمة مرفأ طرابلس: بين العجز اللوجستي والضغوط الإقليمية

2025.11.04 - 04:08
Facebook Share
طباعة

تعيش طرابلس منذ أسابيع على وقع أزمة خانقة في مرفئها البحري، مع تراكم غير مسبوق للحاويات وتأخر تسليم البضائع، ما أدى إلى ارتباك واسع في السوق التجارية في الشمال. هذه الأزمة ليست طارئة، بل تمثل نتيجة تراكمية لمشكلات إدارية ولوجستية ممتدة منذ سنوات، تفاقمت مؤخرًا بفعل تراجع الإمكانات التشغيلية وغياب الصيانة الدورية للمعدات الأساسية.

مصادر ملاحية تشير إلى أن المرفأ يعاني من نقص في الرافعات والكوادر الفنية المؤهلة، إضافة إلى بطء في الإجراءات الجمركية التي تتطلب تدقيقًا يدويًا في غياب سكانر حديث لفحص الحمولات. هذا النقص أدى إلى إطالة دورة التفريغ والتسليم، وتحول المرفأ إلى منطقة انتظار مزدحمة ببضائع متأخرة، بعضها يعود إلى شركات استيراد كبرى.

اقتصاديًا، بدأ تراكم الحمولات يترك أثرًا مباشرًا على التجار والمستهلكين معًا فارتفاع كلفة التخزين والانتظار انعكس على أسعار السلع، خصوصًا المواد الغذائية والمعدات الصناعية، ما زاد الأعباء على السوق المحلية. في المقابل، يجد التجار أنفسهم أمام التزامات مالية متزايدة دون قدرة على تدوير رأس المال أو تلبية احتياجات السوق في مواعيدها المحددة.

من الناحية الإدارية، تتحدث أوساط مطلعة لوسائل إعلام محلية عن بطء في اتخاذ القرار الرسمي بتركيب السكانر، رغم الوعود السابقة التي أطلقتها الجهات المعنية، ويدور الحديث عن تأجيل متكرر لأسباب تقنية وتمويلية، في حين يرى متابعون أن التأخير يحمل أيضًا أبعادًا سياسية تتصل بالصراع على النفوذ داخل المرفأ.

في السياق الإقليمي، تمارس دول خليجية، وعلى رأسها السعودية، ضغوطًا واضحة على السلطات اللبنانية لتسريع تركيب السكانر وتعزيز إجراءات الأمن في المرفأ، في إطار مكافحة التهريب وتأمين انسياب آمن للبضائع العابرة. هذه الضغوط تُفهم في ضوء رغبة خليجية في ضمان بيئة تجارية أكثر شفافية، ومنع استخدام المرافئ اللبنانية كمعابر غير نظامية.

سيناريوهات المرحلة المقبلة ترتبط بمدى استجابة الحكومة اللبنانية لهذه الضغوط وسرعة معالجة الخلل اللوجستي ففي حال استمرار التأخير، يُتوقع أن تتفاقم الأزمة التجارية في الشمال وتتعطل حركة التصدير والاستيراد أكثر، ما سيؤثر على الدورة الاقتصادية برمتها أما في حال تفعيل السكانر وإعادة تنظيم إدارة المرفأ، فقد يشهد القطاع التجاري انفراجة تدريجية تعيد الثقة بمرفأ طرابلس كمركز حيوي لحركة البضائع في لبنان والمنطقة. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 3