من الفاشر إلى بارا.. تمدد الرعب في السودان وسط صمت دولي قاتل

2025.11.04 - 03:57
Facebook Share
طباعة

تتفاقم المأساة الإنسانية في السودان مع اتساع رقعة الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع، لتصل إلى مدينة بارا في ولاية شمال كردفان، حيث أعلنت شبكة أطباء السودان عن مشاهد مروعة لعشرات الجثث المكدسة داخل المنازل، بعد أن منعت قوات الدعم السريع الأهالي من دفن موتاهم. المشهد المأساوي في بارا، الذي يشبه ما حدث في الفاشر قبل أيام، يعيد إلى الأذهان كوارث دارفور الأولى، ويكشف عن انهيار كامل للمنظومة الإنسانية والطبية في البلاد.

 


في بيان رسمي أصدرته اليوم الثلاثاء، أكدت شبكة أطباء السودان أن قوات الدعم السريع ارتكبت “جرائم مروعة بحق المدنيين العزّل” في مدينة بارا، حيث تتزايد أعداد القتلى والمفقودين يومًا بعد يوم، وسط انقطاع تام للاتصالات والخدمات الطبية.

ووفقًا للشبكة، فقد تحوّلت المنازل في المدينة إلى “مقابر مغلقة”، إذ تُركت جثث القتلى داخلها دون دفن، بعد أن مُنع الأهالي من أداء أي طقوس جنائزية، ما جعل الأحياء يعيشون بين الموت والرعب والجوع والعطش.

وفي ظل غياب أي حضور إنساني أو طبي، تتواصل موجات النزوح الجماعي من بارا، حيث يفر المدنيون سيرًا على الأقدام باتجاه مناطق مجهولة في ظروف “بالغة القسوة”، دون غذاء أو دواء أو مأوى، فيما تنهار الخدمات الصحية تمامًا وتنتشر الأمراض وسوء التغذية، خاصة بين الأطفال والنساء وكبار السن.

وتقول منظمات إنسانية إن كارثة بارا تضاف إلى سلسلة من الانتهاكات التي شهدتها مناطق واسعة من إقليم دارفور بعد سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر الاستراتيجية، حيث رُصدت حالات قتل جماعي، وعنف جنسي، واعتداءات على عمال الإغاثة، ونهب للممتلكات، واختطاف للمدنيين.

من جهتها، أعربت المحكمة الجنائية الدولية عن “قلقها البالغ” إزاء هذه التقارير، محذّرة من أن الجرائم الموثقة في الفاشر وبارا “قد ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية”.

وفي السياق ذاته، قالت مصادر دبلوماسية إن الحكومة السودانية تدرس مقترحًا أميركيًا جديدًا لوقف إطلاق النار، في وقت دعا فيه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى “وقف كابوس العنف في السودان”، محذرًا من أن استمرار الحرب يهدد بتقسيم البلاد فعليًا بين الشرق والغرب.

حاليًا، يسيطر الجيش السوداني على شمال البلاد وشرقها ووسطها، على امتداد نهر النيل والبحر الأحمر، بينما تسيطر قوات الدعم السريع على معظم مناطق الغرب وأجزاء من الجنوب، في مشهد يعكس انقسامًا جغرافيًا وعسكريًا يهدد وحدة السودان ومستقبله السياسي.

 


منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023، أودت المواجهات بحياة عشرات الآلاف وهجّرت أكثر من 10 ملايين شخص داخليًا وخارجيًا، وفق تقديرات الأمم المتحدة، في واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في القرن الحادي والعشرين.

ويُحذّر مراقبون من أن ما يجري في بارا والفاشر ليس سوى مرحلة جديدة من تفكك الدولة السودانية، حيث تتآكل مؤسسات الحكم، وتتحول المدن إلى ساحات تصفية حسابات، فيما يقف المجتمع الدولي عاجزًا عن فرض أي مسار فعّال لوقف القتال.

ومع استمرار الصمت الدولي، تبقى بارا شاهدًا جديدًا على حجم المأساة، حيث يعيش المدنيون بين الموت والجوع والعزلة، في بلد تتقاسمه البنادق وتغيب عنه الدولة.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 8