ألمانيا تكثّف ترحيل السوريين: خطوة سياسية أم محاولة لامتصاص الغضب الداخلي؟

2025.11.04 - 02:41
Facebook Share
طباعة

في خطوة أثارت جدلاً واسعاً داخل الأوساط الأوروبية، أعلن وزير الخارجية الألماني يوهان فادفول، الثلاثاء، أن برلين تعتزم تكثيف عملية إعادة المواطنين السوريين إلى وطنهم، في إطار ما وصفه بـ"دعم إعادة الاستقرار في سوريا".
غير أن المراقبين يرون أن هذه الخطوة تأتي في سياقٍ أعمق يرتبط بتصاعد التيار اليميني المعادي للمهاجرين والضغوط السياسية الداخلية في ألمانيا، أكثر من ارتباطها باعتبارات إنسانية أو أمنية بحتة.

 

 

وأوضح فادفول، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره النيجيري يوسف توغار في برلين، أن بلاده تركز في المرحلة الأولى على إعادة المهاجرين الذين ارتكبوا جرائم أو يشكلون تهديداً للأمن العام، مضيفاً أن العمل جارٍ بالتنسيق مع الجهات المختصة، رغم عدم تحقق نتائج ملموسة حتى الآن.
وأشار الوزير إلى أن عدد المستهدفين بالترحيل الفوري محدود، لكنه توقع "تحقيق نتائج قريبة"، في إشارة إلى إمكانية تنفيذ أولى عمليات الترحيل خلال الفترة المقبلة.

 

لا "عودة قسرية"... ولكن

رغم تأكيد الخارجية الألمانية أن العودة "لن تكون قسرية"، إلا أن منظمات حقوقية ألمانية حذّرت من أن توسيع نطاق الترحيل قد يشمل لاحقاً فئات أوسع من اللاجئين، في ظل غياب ضمانات حقيقية حول سلامتهم داخل الأراضي السورية.
كما لفت الوزير إلى أن ألمانيا تسعى لتشجيع السوريين على "العودة الطوعية للمساهمة في إعادة إعمار بلادهم"، مستشهداً بتصريحات المستشار أولاف شولتس الذي اعتبر أن "الاستقرار الدائم في الشرق الأوسط يتطلب عودة اللاجئين إلى أوطانهم".

 

تزامن الإعلان مع تقرير نشرته صحيفة Welt الألمانية، كشف عن ارتفاع عدد المهاجرين المشتبه بارتكابهم جرائم عنف خلال عام 2024، مشيراً إلى أن السوريين لا يزالون في صدارة هذه القوائم من حيث العدد الإجمالي للحوادث المسجلة.
ويرى مراقبون أن تسليط الضوء الإعلامي على هذه الأرقام يخدم أجندة سياسية داخلية، تهدف لطمأنة الرأي العام الألماني الذي يتزايد فيه الغضب الشعبي تجاه ملف الهجرة، خصوصاً بعد تصاعد نفوذ حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف.

سياسة "العودة الطوعية" بغطاء مالي

يُذكر أن المبعوث الألماني الخاص إلى سوريا، ستيفان شنيك، كان قد أعلن في أبريل الماضي أن المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين بدأ منذ 13 يناير تقديم حوافز مالية للاجئين السوريين الراغبين في العودة الطوعية، تشمل تغطية نفقات السفر ودعمًا نقديًا مؤقتًا عند الوصول.
وتعتبر هذه الخطوة محاولة لإضفاء صبغة إنسانية على سياسة الترحيل، في ظل استمرار رفض المجتمع الدولي لأي عودة قسرية إلى سوريا التي لا تزال تُصنَّف كـ"بلد غير آمن" من قبل الاتحاد الأوروبي.

 

يرى خبراء أن إعلان الخارجية الألمانية يأتي في لحظة تحوّل سياسي دقيقة داخل أوروبا، مع تصاعد الخطاب القومي وتراجع قدرة الحكومات على امتصاص الأزمات الاقتصادية والاجتماعية المرتبطة باللاجئين.
كما يُقرأ هذا التوجه على أنه محاولة ألمانية لتطبيع تدريجي للعلاقات مع دمشق عبر ملف "العودة الطوعية"، رغم بقاء العقوبات الأوروبية المفروضة على النظام السوري سارية حتى منتصف 2026.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 7