السوداني يرسم ملامح عراق ما بعد الانسحاب الأميركي: دمج الفصائل في الجيش وإنهاء السلاح خارج الدولة

2025.11.04 - 01:38
Facebook Share
طباعة

في تحول لافت في المشهد الأمني والسياسي العراقي، أعلن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني عن خطة شاملة لدمج الفصائل المسلحة ضمن مؤسسات الدولة، مشدداً على أن تحقيق هذا الهدف لن يتم إلا بعد انسحاب القوات الأميركية من البلاد بشكل كامل، والمقرر وفق اتفاق مبدئي بحلول نهاية عام 2026.

 


أكد السوداني في مقابلة مع وكالة رويترز أن العراق "تعهد بوضع جميع الأسلحة تحت سيطرة الدولة"، لكنه أوضح أن وجود التحالف الدولي بقيادة واشنطن، والذي تعتبره فصائل عراقية "قوة احتلال"، يمثل عقبة أمام هذا المسار.
وأشار إلى أن تنظيم داعش لم يعد يشكل تهديداً حقيقياً، قائلاً: "داعش غير موجود، الأمن والاستقرار متوفران، فأي مبرر لوجود 86 دولة على أراضينا؟"، في إشارة إلى عدد الدول التي شاركت في التحالف منذ عام 2014.

وتأتي تصريحات السوداني في ظل استمرار الضغوط الأميركية على بغداد لتفكيك الجماعات المسلحة المدعومة من إيران، وعلى رأسها قوات الحشد الشعبي التي أُدمجت شكلياً في المؤسسات الرسمية، لكنها لا تزال تحتفظ بولاءات خاصة لطهران وفصائلها.

وأوضح رئيس الوزراء أن خطته تقتضي أن تُمنح الفصائل خيارين: إما الاندماج الكامل في أجهزة الدولة الأمنية أو الانخراط في العملية السياسية بعد التخلي عن السلاح. واعتبر السوداني أن "هذا هو مطلب الجميع"، مؤكداً أن القرار العسكري والسياسي يجب أن يبقى بيد مؤسسات الدولة وحدها.

 


يتقاطع هذا التوجه مع ضغوط إقليمية ودولية متزايدة ضد الفصائل غير النظامية في المنطقة، وعلى رأسها حزب الله اللبناني، الذي يمثل أحد أذرع "محور المقاومة" المدعوم من إيران. لكن السوداني شدد على أن "الوضع في العراق مختلف عن لبنان"، مؤكداً أن بغداد تسعى إلى "الاستقرار والحفاظ على السيادة وعدم الانجرار إلى أي صراع إقليمي".

منذ الغزو الأميركي للعراق عام 2003، تمكنت إيران من بناء نفوذ واسع داخل المؤسسات السياسية والعسكرية العراقية، ما جعل الحكومات المتعاقبة تواجه معضلة مزدوجة في الموازنة بين مصالح واشنطن وشبكة النفوذ الإيرانية.

 

تأتي خطة السوداني في لحظة حرجة يتراجع فيها الوجود العسكري الأميركي تدريجياً، وسط تنامي الضغوط الداخلية لإنهاء "الاحتلال الأميركي" من جهة، والقلق الغربي من تمدد الفصائل الموالية لإيران من جهة أخرى.
ويحاول السوداني، وفق مراقبين، تحقيق توازن صعب بين مطلب السيادة الوطنية الذي يرفع لواءه التيار الشيعي الموالي لإيران، وضغوط واشنطن التي تخشى تحول العراق إلى قاعدة نفوذ إيراني خالصة بعد انسحابها.

أما دمج الفصائل في الجيش العراقي فيمثل خطوة حساسة تحمل في طياتها مخاطر مزدوجة:

فمن جهة، يمكن أن تعزز وحدة القرار الأمني إذا جرى الدمج فعلاً ضمن أطر مهنية.

ومن جهة أخرى، قد تُكرّس هيمنة الفصائل الموالية لإيران داخل المؤسسة العسكرية، مما يضعف استقلال الدولة ويعيد إنتاج الأزمة نفسها بثوب رسمي.

 

 

بين ضغوط واشنطن وطموحات طهران، يحاول السوداني أن يرسم ملامح عراق جديد "بلا سلاح خارج الدولة"، لكنه في الوقت ذاته لا يريد صداماً مع القوى الشيعية المسلحة التي شكلت ركيزة نظام ما بعد 2003.
ويبقى السؤال: هل يستطيع العراق فعلاً بناء جيش وطني خالص في مرحلة ما بعد الانسحاب الأميركي؟ أم أن الدمج سيعيد إنتاج التبعية والازدواجية بأشكال جديدة؟

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 7 + 1