سفينة إيرانية في قبضة مجهولين.. إشارات مقلقة على عودة الفوضى البحرية في المحيط الهندي

2025.11.04 - 01:01
Facebook Share
طباعة

في مؤشر خطير يعيد إلى الأذهان سنوات نشاط القراصنة الصوماليين، أعلنت شركة "أمبري" للأمن البحري أن مجموعة مجهولة سيطرت على الأرجح على سفينة صيد ترفع علم إيران في مياه المحيط الهندي، على بُعد نحو 332 ميلاً بحرياً جنوب شرقي مقديشو، وسط تزايد الهجمات على السفن التجارية في المنطقة الحيوية التي تمر عبرها شحنات الطاقة العالمية.


بحسب بيان صادر عن شركة أمبري البريطانية، فإن السفينة الإيرانية لم تصدر إشارات استغاثة واضحة، لكن معلومات ميدانية من جهات بحرية مختلفة تشير إلى أن مسلحين استولوا عليها أثناء إبحارها قبالة السواحل الصومالية، في حادثة تعيد المخاوف من تجدد نشاط الجماعات المسلحة في البحر العربي وخليج عدن.

ويأتي ذلك بعد ساعات فقط من إعلان مصادر في قطاع الملاحة البحرية أن مسلحين هاجموا ناقلة تجارية قبالة ساحل مقديشو يوم الاثنين، وأطلقوا النار عليها أثناء محاولتهم الصعود إلى متنها، فيما يُعتقد أن الهجوم تم باستخدام زورق سريع.

وذكرت هيئة التجارة البحرية البريطانية (UKMTO) أن أربعة أشخاص حاولوا الصعود إلى السفينة قبل أن يفروا باتجاه الساحل بعد فشلهم في السيطرة عليها، مؤكدة أنها تلقت بلاغات متكررة عن نشاط مشبوه لقوارب سريعة في المياه الإقليمية الصومالية خلال الأسابيع الأخيرة.

وأكدت مجموعة فانغارد البريطانية لإدارة المخاطر البحرية، أن السفينة المستهدفة — وهي الناقلة "ستولت ساغالاند" التي ترفع علم جزر كايمان وتنقل مواد كيميائية — كانت في موقع قريب من الهجوم المشتبه به ضد السفينة الإيرانية. وأضافت أن أربعة مهاجمين اقتربوا من السفينة في زورق من جانبها الأيمن وفتحوا النار، لكن طاقم السفينة تمكن من تفعيل الإنذار وزيادة السرعة وإجراء مناورات مراوغة.

وأشارت فانغارد إلى أن فريق الأمن المسلح على متن السفينة تعامل بكفاءة عالية، وأحبط محاولة الصعود دون وقوع إصابات أو أضرار. وقد أكدت شركة "ستولت-نيلسن" المشغلة للسفينة وقوع الهجوم بالفعل، لكنها شددت على أن جميع أفراد الطاقم بخير وأن الهجوم فشل بشكل كامل.


إذا تأكدت حادثة السيطرة على السفينة الإيرانية، فستكون هذه أول عملية قرصنة ناجحة قبالة الصومال منذ مايو 2024، ما يثير قلقاً واسعاً في أوساط الأمن البحري الدولي.
ويرى محللون أن عودة هذه الهجمات قد ترتبط بتدهور الأوضاع الاقتصادية والأمنية في الصومال، إضافة إلى ضعف الوجود البحري الدولي في المنطقة مقارنة بما كان عليه قبل عقد، عندما دفعت موجة القرصنة بين عامي 2008 و2012 المجتمع الدولي إلى نشر أساطيل متعددة الجنسيات في خليج عدن والمحيط الهندي.

كما يُحذر الخبراء من أن تجدد القرصنة في هذه المنطقة قد يهدد ممرات الطاقة العالمية التي تمر عبر البحر الأحمر والمحيط الهندي، خاصة في ظل التوترات المتزايدة في البحر الأحمر وباب المندب بسبب الصراع في اليمن وتصاعد العمليات البحرية بين الحوثيين والتحالف الدولي.

 

شهدت المنطقة الواقعة قبالة السواحل الصومالية في العقدين الماضيين عشرات الهجمات على السفن التجارية، ما أدى إلى خسائر بمليارات الدولارات في قطاع الشحن الدولي. وقد تراجع نشاط القراصنة بشكل كبير بعد عام 2015 بفضل الجهود الدولية والمراقبة الجوية، غير أن الانفلات الأمني في الصومال وعودة الجماعات المسلحة إلى بعض المناطق الساحلية قد أعاد البيئة المواتية لتكرار تلك الهجمات.

وتشير تقارير أمنية حديثة إلى أن عصابات محلية صغيرة بدأت تنشط مجدداً في مناطق مثل بونتلاند وساحل مقديشو، مستفيدة من ضعف الرقابة الحكومية وتراجع التمويل الدولي المخصص لبرامج مكافحة القرصنة.

 

الحادثة الأخيرة — سواء كانت هجوماً فاشلاً أو عملية سيطرة فعلية على السفينة الإيرانية — تمثل جرس إنذار جديداً للمجتمع الدولي بشأن هشاشة الأمن البحري في القرن الإفريقي.
ومع انشغال القوى الكبرى بأزمات البحر الأحمر وأوكرانيا وغزة، يبدو أن القرصنة الصومالية تعود لتطل برأسها من جديد، في وقتٍ يزداد فيه اعتماد العالم على خطوط الملاحة التي تمر عبر هذه المنطقة المضطربة.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 2 + 3