قبل ساعات من فتح صناديق الاقتراع في انتخابات رئاسة بلدية نيويورك، تتصاعد المخاوف داخل الأوساط الإسرائيلية من احتمال فوز المرشح ذي الأصول العربية زهران ممداني، المعروف بدعمه العلني لحقوق الفلسطينيين وانتقاده لسياسات إسرائيل، في مدينة تعتبر الحاضنة الأكبر للجالية اليهودية خارج تل أبيب.
وفقًا لتقارير نشرها موقع i24NEWS العبري، تُظهر استطلاعات الرأي الأخيرة تفوق ممداني بنسبة تتراوح بين 48% و41%، متقدّمًا على المرشح المستقل أندرو كومو الذي يحصد دعمًا يتراوح بين 34% و31%، فيما يحل المرشح الجمهوري كيرتس سليوا في المركز الثالث بنسبة تأييد تتراوح بين 24% و15%.
ويلاحظ محللون إسرائيليون أن استمرار سليوا في السباق الانتخابي يصبّ في مصلحة ممداني، إذ يُضعف فرص منافسيه الآخرين، في حين كان انسحابه سيؤدي إلى إعادة توزيع الأصوات على نحو قد يُغيّر موازين القوى.
تأتي هذه الانتخابات في سياق حساس بالنسبة لإسرائيل، إذ تمثل نيويورك مركزًا سياسيًا واقتصاديًا وإعلاميًا شديد التأثير في السياسات الأميركية، فضلًا عن كونها تضم أكثر من 1.6 مليون يهودي، وهي الجالية الأكبر من نوعها في العالم بعد إسرائيل نفسها.
وتشير أوساط إسرائيلية إلى أن فوز ممداني سيكون بمثابة "ضربة رمزية" لتأثير اللوبي اليهودي داخل المدينة، وربما يفتح الباب أمام تحوّل في المزاج السياسي والإعلامي في واحدة من أهم المدن الأميركية دعمًا لإسرائيل تاريخيًا.
من جهة أخرى، يرى مراقبون أميركيون أن صعود ممداني يعكس تغيّرًا واسعًا في اتجاهات الناخبين الشباب في نيويورك، خاصة أولئك المنحدرين من أصول مهاجرة أو مناصرين لحركات العدالة الاجتماعية، ممن يرون في القضية الفلسطينية رمزًا للنضال ضد العنصرية والهيمنة.
زهران ممداني، المولود في أوغندا لأبوين هنديين، يشغل حاليًا منصب عضو في مجلس ولاية نيويورك عن الحزب الديمقراطي التقدمي. وهو معروف بمواقفه الصريحة المؤيدة للفلسطينيين، ودعوته المتكررة إلى وقف المساعدات الأميركية العسكرية لإسرائيل، كما شارك في فعاليات عدة تدين الحرب على غزة وتدعو إلى محاسبة الاحتلال على جرائمه ضد المدنيين.
ويرى محللون أن فوز ممداني — إذا تحقق — لن يكون مجرد انتصار انتخابي محلي، بل مؤشرًا على تغير المناخ السياسي الأميركي تجاه إسرائيل، خاصة في المدن الكبرى ذات التنوع العرقي والثقافي الواسع مثل نيويورك.
الانتخابات البلدية في نيويورك تتحول هذه المرة إلى ما يشبه الاستفتاء على النفوذ الإسرائيلي داخل المجتمع الأميركي، في ظل تصاعد أصوات التقدميين ودعاة العدالة للفلسطينيين. فبينما تتابع تل أبيب النتائج بقلق واضح، يرى المراقبون أن نيويورك قد تكون على أعتاب تحوّل سياسي وتاريخي، يعيد رسم حدود العلاقة بين الجاليات الأميركية وإسرائيل لعقود قادمة.