تل أبيب: لا حسم في غزة دون حسم في لبنان

رامي عازار

2025.11.04 - 09:19
Facebook Share
طباعة

 تشهد الساحة الإقليمية في الآونة الأخيرة تصعيداً سياسياً وإعلامياً متواصلاً يستهدف قوى المقاومة في لبنان وفلسطين على حدّ سواء، في ظلّ مساعٍ أميركية – إسرائيلية متقاطعة مع مواقف سعودية وإماراتية تهدف إلى محاصرة فصائل المقاومة الفلسطينية في العالم العربي. ووفق المعطيات المتداولة في الأوساط السياسية والإعلامية، تتخذ هذه الحملة من لبنان ميداناً أساسياً لتجربة هذا النهج الجديد، الذي يسعى إلى إعادة فصل القضية الفلسطينية عن الحركات العربية المنخرطة في محور المقاومة، ولا سيما "حزب الله" في لبنان و"حماس" في فلسطين.

ووفق تقارير متطابقة لوسائل إعلام إسرائيلية، بينها صحيفة "يديعوت أحرونوت"، فإن "تل أبيب تعتبر أن حسم ملف غزة مرهون بإنجاز مماثل في لبنان"، مشيرة إلى أن الأمن القومي الإسرائيلي "يرى في نزع سلاح حزب الله خطوة ضرورية تمهّد لنزع سلاح حماس".

وفي مقال بعنوان "بدون الحسم في لبنان، لا حسم في غزة"، عرضت "يديعوت أحرونوت" رؤية المؤسّسة الأمنية الإسرائيلية، مؤكدة أن "المهمة المركزية للأمن القومي الإسرائيلي تتمثل اليوم في نزع السلاح في لبنان وغزة معاً"، معتبرة أن "الفشل في إخضاع حزب الله سيقضي عملياً على أي فرصة لنزع سلاح حماس في المستقبل القريب".

وتضيف الصحيفة أن "الترابط بين الساحتين اللبنانية والفلسطينية لم يكن يوماً بهذا المستوى من التماسك"، مشيرة إلى أن "إيران رعت تنسيقاً وثيقاً بين حزب الله وحماس، سياسياً وعسكرياً، خلال العامين الماضيين"، وأن "الخط الرابط بين لبنان وغزة أصبح أوضح من أي وقت مضى".

من جهة أخرى، يرى مراقبون في بيروت أن هذه المقاربة الإسرائيلية الجديدة تعكس تحوّلاً في أولويات واشنطن وتل أبيب بعد إخفاق حملات الضغط السابقة على "حزب الله"، ومحاولات فرض تسوية داخلية لبنانية تنزع الطابع المقاوم عن الحزب. ويشير هؤلاء إلى أن التحالف الأميركي – السعودي – الإماراتي بات يركّز اليوم على ضرب البيئة الشعبية الحاضنة للمقاومة الفلسطينية في لبنان، خصوصاً داخل المخيمات، في محاولة لتقليص أي تواصل أو دعم ميداني بين الجبهتين اللبنانية والفلسطينية.

وتؤكد تقارير إسرائيلية أخرى أن واشنطن تنسّق جهودها في هذا الملف مع السلطة الفلسطينية في رام الله، بقيادة محمود عباس، سعياً إلى "إنهاء ملف المقاومة داخل مخيمات لبنان"، في ظلّ إدراك متزايد لدى دوائر القرار في تل أبيب أن "التشابك الجغرافي والسياسي بين حزب الله وحماس يجعل من استقرار الجبهة الشمالية شرطاً لنجاح أي حملة على غزة".

وفي هذا السياق، يرى كاتب المقال في "يديعوت أحرونوت" أن "فشل إسرائيل في تفكيك ترسانة حزب الله سيعني عملياً دفن أي مسعى دبلوماسي لنزع سلاح حماس"، لافتاً إلى أن "فكرة المقاومة أصبحت اليوم جزءاً أصيلاً من الوعي الإقليمي، وأن حق امتلاك السلاح يشكل ركيزة أساسية في نضال حزب الله وحماس على حد سواء، ويحظى بدعم شعبي واسع".

بالمقابل، يعتبر محلّلون لبنانيون أن هذا الربط الإسرائيلي بين الساحتين اللبنانية والفلسطينية ليس مجرد توصيف إعلامي، بل يعكس استراتيجية ميدانية متكاملة تهدف إلى ضرب محور المقاومة من الأطراف، عبر تفكيك التنسيق بين فصائله وتحويل كل ساحة إلى عبء منفصل. ويشير هؤلاء إلى أن الحرب الإعلامية والسياسية الراهنة ضد المقاومة في لبنان تأتي في إطار هذه الخطة الأوسع، التي تسعى إلى "تحييد" حزب الله تمهيداً لعزل غزة وإضعاف حماس.

ومع اتساع رقعة التوتر على الحدود اللبنانية – الفلسطينية وتزايد الحديث الإسرائيلي عن "اليوم التالي في غزة"، يبدو أن الصراع على مستقبل محور المقاومة قد دخل مرحلة جديدة، حيث لم تعد تل أبيب تكتفي بالعمليات العسكرية، بل تعمل على حرب متعددة المستويات: سياسية، إعلامية، واقتصادية، هدفها النهائي نزع سلاح المقاومة في كل من لبنان وغزة، ولو بوسائل غير مباشرة.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 5 + 2