هل يستطيع مجلس الشعب السوري تحقيق الانتقال وبناء الدولة الجديدة؟

2025.11.03 - 06:11
Facebook Share
طباعة

بعد الإطاحة بنظام الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024، وُلد مجلس الشعب الجديد في أكتوبر/تشرين الأول 2025 في ظل فراغ دستوري دام أشهراً، ولم يكن تشكيل المجلس مجرد إجراء إداري بل خطوة مفصلية في مسار إعادة بناء الدولة السورية إذ يقف أمامه تحدي مزدوج إدارة المرحلة الانتقالية والحفاظ على استقرار البلاد مع إمكانية المشاركة في وضع أسس الدولة المستقبلية

الصلاحيات بين الضرورة والسيادة:

الإعلان الدستوري المؤقت الصادر في مارس/آذار 2025 حدد المجلس كهيئة تشريعية مؤقتة لمدة ثلاثين شهراً مع إمكانية التجديد، وهذا الإطار القانوني يضع قيوداً على صلاحيات المجلس ويثير جدلاً حول ما إذا كان يقتصر على إدارة الشؤون اليومية أم يمتد دوره ليشمل إجراءات تأسيسية أوسع تشمل تفكيك إرث النظام السابق

تقوم الرؤية الأولى على أن المجلس يجب أن يقتصر على سن القوانين الطارئة والضرورية مع احترام القيود الزمنية والشرعية التمثيلية الناقصة لتجنب مأزق دستوري بينما تنطلق الرؤية الثانية من أن المجلس يمتلك شرعية ثورية تسمح له بتجاوز القيود القانونية إذا اقتضت المصلحة الوطنية لكنها تحمل مخاطرة الانقسام السياسي وتعطيل قبول الدستور الجديد

ثلث الأعضاء المعينين تمكين أم تقييد:

يشكل الأعضاء المعينون من قبل الرئيس نحو ثلث المجلس نقطة جدل رئيسية حول استقلالية المجلس والتعيينات تهدف إلى سد ثغرات التمثيل خصوصاً للنساء والأقليات والكفاءات الفنية لكنها قد تحد من قدرة المجلس على ممارسة دور رقابي مستقل إذا ارتبطت المواقف التصويتية للأعضاء المعينين بالسلطة التنفيذية

تفكيك الإرث القانوني والبيروقراطي:

المجلس أمام مهمة تشريعية معقدة تتمثل في تفكيك قوانين القمع والفساد وإلغاء التشريعات المقيدة للحريات العامة مع التركيز على إنهاء القوانين الموروثة من النظام السابق بما في ذلك قوانين الطوارئ والجرائم الإلكترونية الفضفاضة وتبسيط الإجراءات الحكومية وإلغاء الصلاحيات التقديرية الواسعة التي تعرقل مصالح المواطنين واستعادة الثقة الاقتصادية عبر حماية الملكية ومنع المصادرات غير القانونية ومحاسبة المتورطين في الفساد والإثراء غير المشروع

السلم الأهلي وحماية المجتمع:

يحمل المجلس مسؤولية الحفاظ على السلم الأهلي في ظل هشاشة الوضع الأمني والقانوني بما في ذلك سن تشريعات لمكافحة خطاب الكراهية والتحريض الطائفي وتفعيل دور القضاء لضمان معالجة الجرائم بطريقة شفافة وسريعة وحماية المجتمع من الانقسامات الطائفية والسياسية التي قد تتفاقم في مرحلة انتقالية هشة.

تحديات المرحلة الانتقالية:

المجلس السوري الجديد يواجه اختباراً تاريخياً بين إدارة المرحلة الانتقالية وضرورة المضي في تأسيس دولة جديدة، والتوازن بين الالتزام القانوني الحذر وبين التحديات الثورية الفعلية لتفكيك الدولة القديمة وبناء مؤسسات جديدة سيحدد مصير الجمهورية السورية في السنوات المقبلة، ونجاح المجلس لن يقاس بعدد القوانين التي يمررها بل بقدرته على تطهير إرث الاستبداد وتأمين الحد الأدنى من الكرامة والخدمات للمواطنين 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 2