جوزيف عون: "أنا ملك لبنان وأمامنا خيار واحد للتعامل مع إسرائيل"

2025.11.03 - 04:57
Facebook Share
طباعة

في خطوة أثارت جدلاً واسعاً على الساحة اللبنانية والعربية، أعلن الرئيس اللبناني جوزيف عون أن "لبنان أمام خيار واحد للتعامل مع إسرائيل، وهو خيار التفاوض"، مؤكداً أن "التفاوض لا يكون مع صديق أو حليف بل مع عدو".
جاءت تصريحات عون خلال لقائه وفداً من "آل خليل"، لتفتح الباب أمام نقاش عميق حول موقع لبنان من الصراع العربي – الإسرائيلي، في ظل تصاعد التوتر الإقليمي وتزايد الضغوط الاقتصادية والسياسية على البلاد.

 


لغة التفاوض لا الحرب

عون، الذي بدا حاسماً في موقفه، شدد على أن لغة التفاوض أهم من لغة الحرب، معتبراً أن "نهاية كل حرب في العالم كانت التفاوض"، في إشارة ضمنية إلى أن المواجهة المسلحة مع إسرائيل لم تعد خياراً مطروحاً في ظل توازنات القوى الحالية.
ورأى الرئيس اللبناني أن "الحرب لم تؤدِّ إلى أي نتيجة سوى الدمار والانقسام"، مضيفاً أن "الدبلوماسية التي تعتمدها الحكومة ومؤسسات الدولة هي الطريق الأسلم لتحقيق مصلحة لبنان".

هذا الموقف يعكس – وفق مراقبين – تحولاً في الخطاب الرسمي اللبناني، خاصة بعد سنوات من الجمود الذي رافق ملف ترسيم الحدود البحرية والبرية مع إسرائيل، والذي شكّل محوراً أساسياً في العلاقة بين بيروت وتل أبيب، بوساطة أمريكية ورعاية أممية.

 


إصلاحات داخلية وتحديات اقتصادية

في الشق الداخلي، حاول عون تقديم صورة متفائلة عن الوضع الاقتصادي، مشيراً إلى أن "المؤشرات الاقتصادية جيدة جداً"، وأن لبنان "يتجه لتحقيق نسبة نمو تصل إلى 5% بنهاية العام".
كما تحدث عن إصلاحات في قطاعات القضاء والمصارف والأمن والإدارة المالية، مؤكداً أن الحكومة الحالية حققت "نقلة نوعية خلال فترة وجيزة"، على حد وصفه.

لكن مراقبين في بيروت يشككون في هذه الأرقام، معتبرين أن الأزمة المالية العميقة، وغياب الثقة الدولية، واستمرار الفساد البنيوي، كلها تحديات تجعل من وعود النمو أمراً صعب التحقيق.

 

العلاقات مع سوريا وترسيم الحدود

وتطرق عون إلى ملف العلاقات اللبنانية – السورية، معلناً أن التواصل مع دمشق عاد إلى مساره الطبيعي، وأن "النوايا الجدية متبادلة" بين الطرفين، في إشارة إلى استعداد البلدين لتشكيل لجان مشتركة لبحث مسألة ترسيم الحدود البرية وملف عودة النازحين السوريين.
ووفق مصادر دبلوماسية، فإن هذا التقارب يعيد إحياء الرهان على تنسيق أمني وسياسي مباشر مع دمشق، خصوصاً في ظل تصاعد التهديدات الإسرائيلية على الحدود الجنوبية واستمرار الغارات على الأراضي السورية.

 

رسائل سياسية داخلية وخارجية

تصريحات الرئيس عون حملت بعداً رمزياً عندما قال: "أنا لا أعمل في السياسة، بل أنا رجل دولة... البعض يعتبر لبنان ملكاً له، وأنا أعتبر نفسي ملكاً للبنان"، وهي جملة لاقت تفاعلاً واسعاً في الأوساط اللبنانية، بين من اعتبرها تعبيراً عن النزعة الإصلاحية للرئيس، ومن رأى فيها تلميحاً إلى احتكار القرار الوطني في مرحلة دقيقة من تاريخ البلاد.

ويرى مراقبون أن حديث عون عن التفاوض مع إسرائيل يأتي في لحظة إقليمية حساسة، تتزايد فيها الدعوات الدولية لإعادة إحياء قنوات الحوار بين الدول العربية وتل أبيب، في ظل الحرب المستمرة على غزة ومحاولات واشنطن إعادة رسم خريطة التحالفات في المنطقة.

 

رغم أن خطاب جوزيف عون ركّز على فكرة "التفاوض كضرورة واقعية"، إلا أن التحول من خطاب المقاومة إلى خطاب الحوار يثير تساؤلات حول موقع لبنان في معادلة الصراع العربي – الإسرائيلي، خصوصاً مع استمرار حزب الله في التمسك بخيار المواجهة العسكرية ورفض أي شكل من أشكال التطبيع أو التفاوض المباشر مع إسرائيل.

لبنان، الذي يعيش على خط النار بين الأزمات الداخلية والتحديات الإقليمية، يبدو اليوم أمام مفترق طرق تاريخي:
إما المضي في طريق الإصلاح والانفتاح الدبلوماسي، أو العودة إلى دائرة التجاذبات التي أنهكت الدولة وأضعفت مؤسساتها لعقود.
 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 2