سوريا تعيد دبلوماسييها المنشقين: خطوة سياسية تعكس مرحلة جديدة من المصالحة الوطنية

2025.11.03 - 04:30
Facebook Share
طباعة

في خطوة تحمل دلالات سياسية عميقة على مسار المصالحة وإعادة بناء مؤسسات الدولة، أعلن وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني عن توقيعه قرارًا بإعادة تعيين عدد من الدبلوماسيين الذين انشقوا عن النظام السابق خلال سنوات الحرب، مؤكدًا أن القرار جاء بتوجيه مباشر من الرئيس السوري أحمد الشرع.

 

اللقاء الذي جمع الشيباني بعدد من الدبلوماسيين العائدين تخللته كلمات ذات طابع تصالحي، إذ خاطبهم قائلاً: “أبلغكم سلام الرئيس أحمد الشرع الداعم لعودتكم إلى بلدكم وإلى وزارتكم وإلى أن تأخذوا دوركم الذي أنتم أهل له... لقد اخترتم الجانب الصحيح من تاريخ سوريا.”

 

وأضاف الوزير أن أسماءهم “ستكتب في صفحات الكرامة والمواقف التاريخية التي سيقرأها الأبناء في سوريا الجديدة، التي لن يكون فيها ظلم ولا استبداد”.

تصريحات الشيباني تحمل أكثر من رسالة داخلية وخارجية، إذ تؤكد توجه القيادة الجديدة في دمشق نحو طي صفحة الانقسامات القديمة، وإعادة دمج الكفاءات السورية التي غادرت البلاد أو اصطدمت بالنظام السابق، في إطار ما تصفه الحكومة بـ"سوريا الجديدة بعد الحرب".

إعادة بناء الدبلوماسية السورية

تأتي هذه الخطوة في سياق جهود وزارة الخارجية السورية لإعادة تفعيل حضور دمشق الدبلوماسي في الخارج، بعد أكثر من عقد على العزلة الدولية التي فرضت على البلاد خلال الحرب.
ويُنظر إلى إعادة الدبلوماسيين المنشقين كمؤشر على انفتاح سياسي تدريجي، خصوصًا أن هؤلاء كانوا من بين الكوادر التي تمتلك خبرة طويلة في العمل الخارجي، ما يعزز قدرة سوريا على استعادة مواقعها في المحافل الدولية والإقليمية.

رسائل سياسية متعددة الاتجاهات

1. داخليًا: تسعى دمشق إلى ترسيخ خطاب “المصالحة الوطنية” وإظهار نفسها كدولة قادرة على استيعاب معارضيها السابقين ضمن إطار الدولة وليس ضدها.


2. خارجيًا: تمثل الخطوة محاولة لإقناع العواصم العربية والدولية بأن سوريا تتجه نحو الاستقرار المؤسسي بعد انتهاء الحرب.


3. إقليميًا: تأتي في ظل تقارب سوري–عربي متنامٍ، خاصة بعد إعادة دمشق إلى الجامعة العربية، ما يمنح القرار بُعدًا دبلوماسيًا يعزز الثقة في القيادة الجديدة.

 

سوريا الجديدة: بين الخطاب والممارسة

رغم الطابع التصالحي للقرار، لا تزال التساؤلات قائمة حول مدى شمول المصالحة وعمقها، وما إذا كانت ستطال فئات أوسع من الموظفين والمنشقين واللاجئين.
ويرى مراقبون أن إعادة هؤلاء الدبلوماسيين إلى مواقعهم قد تكون خطوة رمزية لفتح الباب أمام تسويات أوسع، إذا ما اقترنت بإصلاحات داخلية حقيقية تضمن العدالة والمساواة في “سوريا الجديدة”.

 

يمثل قرار وزير الخارجية السوري بإعادة تعيين الدبلوماسيين المنشقين محطة رمزية في التحول السياسي والإداري الذي تحاول دمشق رسم ملامحه بعد سنوات الحرب. وبينما تسعى الحكومة إلى تقديم نفسها كراعٍ لمصالحة وطنية شاملة، يبقى التحدي الأكبر في ترجمة هذه الخطوات إلى واقع مؤسسي يعيد الثقة بين الدولة والمجتمع. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 5 + 2