في أحدث فصول الحرب الإسرائيلية على الأرض الفلسطينية، أصدرت سلطات الاحتلال، اليوم الاثنين، قرارًا عسكريًا يقضي باقتلاع مساحات جديدة من أشجار الزيتون في أراضي قريتي رأس كركر وكفر نعمة غرب رام الله، بزعم "الأغراض العسكرية". القرار يستهدف نحو 15 دونمًا من أراضي المنطقتين الواقعتين في مناطق الوجه الغربي وجبل الريسن والعوريد.
وبحسب وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية "وفا"، يأتي هذا القرار ضمن سياسة إسرائيلية ممنهجة تستهدف تهويد مناطق الضفة الغربية عبر إبادة الغطاء الزراعي الفلسطيني الذي يمثل أحد رموز الصمود الوطني.
اجتثاث متواصل للأرض
هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية أكدت أن الفترة الممتدة من أكتوبر 2023 وحتى أكتوبر 2025 شهدت اقتلاع وتدمير نحو 48 ألفًا و728 شجرة، بينها أكثر من 37 ألف شجرة زيتون، في اعتداءات نفذها المستوطنون تحت حماية جيش الاحتلال.
كما وثّقت الهيئة 7154 اعتداءً خلال العامين الماضيين شملت مصادرة أراضٍ، وقطع طرق زراعية، وحرق حقول كاملة، في حين تركزت الاعتداءات في محافظات نابلس وسلفيت ورام الله والخليل.
الأرض كسلاح مقاومة
يرى مختصون أن استهداف الأشجار — خاصة الزيتون — يحمل أبعادًا تتجاوز الاقتصاد والبيئة، إذ تمثل تلك الأشجار رمزًا للهوية الفلسطينية وارتباط الناس بأرضهم.
ويقول الخبير البيئي عبد الرازق أبو لبن إن "قطع الأشجار سياسة قديمة متجددة، تُستخدم للضغط على المزارعين ودفعهم إلى الهجرة القسرية من أراضيهم لصالح التوسع الاستيطاني"، مشيرًا إلى أن هذا النمط من الاستيطان "يعتمد على خلق واقع جغرافي جديد يربط البؤر بالمستوطنات الكبرى".
سياسة الأرض المحروقة
منذ مطلع 2024، كثّفت سلطات الاحتلال أوامرها العسكرية تحت ذرائع أمنية، كإقامة مناطق تدريب عسكرية أو حماية مستوطنات. غير أن تقارير أممية سابقة أكدت أن معظم تلك الأراضي تُعاد لاحقًا لتوسيع المستوطنات أو شق طرق التفافية.
الهيئة الفلسطينية دعت المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لوضع حد لـ"سياسة الاقتلاع والتهجير"، معتبرة أن ما يجري في الضفة الغربية "يشكل جريمة بيئية وإنسانية، وجزءًا من عملية تطهير عرقي ممنهجة".
منذ العام 1967، فقد الفلسطينيون ما يزيد على مليوني شجرة بفعل عمليات التجريف والمصادرة الإسرائيلية، وفق تقديرات منظمات حقوقية. وتُعد محافظة نابلس من أكثر المناطق تضررًا، حيث تُستخدم أراضيها لتوسيع مستوطنات قائمة وبؤر استيطانية جديدة.
وفي وقت تتجه فيه الأنظار نحو الحرب في غزة، يرى مراقبون أن إسرائيل تستغل انشغال العالم لتسريع وتيرة الاستيطان في الضفة الغربية، في محاولة لتكريس واقع جديد على الأرض يصعب تغييره سياسيًا في المستقبل.