على الرغم من مرور أكثر من ثلاثة أسابيع على اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة "حماس"، فإن الأوضاع الميدانية في قطاع غزة ما زالت تشهد تصعيدًا مستمرًا من قبل الجيش الإسرائيلي، الذي واصل اليوم الإثنين شن غارات جوية ومدفعية مكثفة على مناطق متفرقة من جنوب ووسط وشمال القطاع، في مشهد يعكس هشاشة الهدنة واستمرار حالة التوتر الميداني.
غارات مكثفة ونسف منازل في خان يونس
شنت الطائرات الحربية الإسرائيلية سلسلة من الغارات الجوية فجر اليوم استهدفت مناطق شرق مدينة خان يونس جنوبي القطاع، بالتزامن مع عمليات تفجير ونسف لعشرات المنازل السكنية التي قال الجيش الإسرائيلي إنها "معدة للاستخدام العسكري".
وأكد شهود عيان أن الدبابات المتمركزة شرق المدينة أطلقت نيرانها بكثافة نحو مناطق مأهولة، فيما شوهدت أعمدة الدخان تتصاعد من الأحياء الشرقية، في حين سُمع دوي انفجارات متتالية ناجمة عن تفجير منازل بأكملها.
قصف متواصل على دير البلح وغزة
المدفعية الإسرائيلية واصلت قصف المناطق الشرقية لمدينة دير البلح وسط القطاع، بالتوازي مع تحليق مكثف للطائرات المسيرة التي تنفذ طلعات استطلاعية في أجواء المنطقة.
كما استهدفت الغارات الإسرائيلية فجرًا عدة منازل في شرق مدينة غزة، بالتزامن مع قيام وحدات هندسية إسرائيلية بتفخيخ المنازل وتفجيرها داخل ما يُعرف بـ"المنطقة الحمراء" التي يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي.
وأفاد شهود بأن هذه المنطقة باتت شبه خالية من السكان بعد إخلائها قسرًا، بينما يتم تفجير المباني بين الحين والآخر "لمنع استخدامها مجددًا"، وفق المزاعم الإسرائيلية.
اتهامات بانتهاك الاتفاق وعرقلة المساعدات
ورغم الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار في 10 أكتوبر الماضي، فإن إسرائيل تواصل تنفيذ ضربات داخل القطاع ومنع إدخال المساعدات الإنسانية بالكميات المتفق عليها.
وقال رئيس اتحاد بلديات غزة، الدكتور علاء الدين البطة، إن ما يدخل من مساعدات وخيام للقطاع "غير كافٍ إطلاقًا"، مؤكدًا أن السلطات الإسرائيلية تفرض قيودًا شديدة على المعابر وتمنع دخول أكثر من 200 شاحنة يوميًا، رغم نص الاتفاق على دخول 600 شاحنة على الأقل.
اتفاق هش ومخاوف من انهيار الهدنة
الاتفاق الذي تم التوصل إليه بوساطة مصرية وأردنية ودولية، نص على وقف متبادل لإطلاق النار بين إسرائيل وحماس، وتبادل الأسرى، إضافة إلى إدخال المساعدات وإشراف قوة دولية – تضم شركاء عربًا ودوليين – على ضمان الاستقرار وتأمين الحدود.
لكن التطورات الأخيرة تُثير الشكوك حول التزام إسرائيل ببنود الاتفاق، خاصة مع استمرارها في فرض منطقة عازلة داخل القطاع، ومنع عودة السكان إلى منازلهم في الشرق والجنوب.
قصف تحت راية الهدنة
بينما تصر إسرائيل على أن عملياتها تستهدف "منشآت عسكرية" وتأتي في إطار "إجراءات أمنية وقائية"، يرى الفلسطينيون أن ما يجري هو انتهاك صريح لاتفاق وقف إطلاق النار ومحاولة لفرض وقائع جديدة على الأرض.
ومع استمرار القصف ومنع المساعدات، يبدو أن الهدنة الهشة التي أُعلن عنها الشهر الماضي تتآكل تدريجيًا، وسط تحذيرات أممية من عودة القتال الشامل في أي لحظة إذا لم تتدخل القوى الضامنة للاتفاق لوقف الانتهاكات الإسرائيلية وضمان التزام الطرفين ببنوده.