نقلت وسائل إعلام تركية عن مصادر أمنية، أن نحو 2000 عنصر من حزب العمال الكردستاني (PKK) انضموا منذ مطلع العام الجاري إلى قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، في خطوة تُعيد تسليط الضوء على العلاقة المعقدة بين التنظيم الكردي المسلح وأنقرة، في ظل مبادرة "تركيا خالية من الإرهاب" التي أُطلقت مطلع العام ضمن مسار مصالحة بين الحكومة التركية والأكراد.
تحركات ميدانية وتبدلات في المشهد الكردي
وبحسب صحيفة تركيا، فإن عملية الانضمام جاءت عقب إعلان حزب العمال الكردستاني انسحابه الكامل من الأراضي التركية، بعد عقود من المواجهة المسلحة مع الجيش التركي، ضمن ما وصفه بـ"مرحلة السلام الداخلي". غير أن الغموض لا يزال يلفّ مصير المقاتلين المنسحبين، وسط تقارير تشير إلى أن القسم الأكبر منهم توجّه إلى شمال سوريا، حيث اندمجوا ضمن وحدات حماية الشعب الكردية التي تُشكّل العمود الفقري لقوات "قسد".
في المقابل، تستعد لجنة الأمن والدفاع في البرلمان التركي لعقد جلسة خاصة الأسبوع المقبل، ستقدّم خلالها وكالة الاستخبارات الوطنية (MIT) تقريرًا مفصلاً عن التطورات الأخيرة، وتداعياتها على الأمن القومي التركي، خاصة في المناطق الحدودية مع سوريا والعراق.
قلق تركي من تمركز "قسد" قرب الحدود
تعتبر أنقرة أن وجود قوات سوريا الديمقراطية، بتركيبتها التي تضم مقاتلين من حزب العمال الكردستاني، يشكّل عقبة أمام تنفيذ مبادرة "تركيا خالية من الإرهاب"، كما تصنّف "قسد" امتدادًا مباشرًا لـ"العمال الكردستاني" المحظور. وتشدد تركيا على أن نزع سلاح تلك الوحدات وتفكيكها ذاتيًا شرط أساسي لإنجاح المصالحة مع الأكراد، وضمان أمن حدودها الجنوبية.
وفي الوقت الذي لم يصدر فيه تعليق رسمي من "قسد" أو من قيادات "العمال الكردستاني"، يرى مراقبون أن الخطوة قد تُفسَّر كمحاولة من الحزب لإعادة تموضعه إقليميًا بعد خسارته مواقعه داخل تركيا، ونقله مركز ثقله العسكري والسياسي إلى شمال سوريا، حيث تحظى "قسد" بدعم أمريكي مستمر.
مسار مصالحة محفوف بالعقبات
تأتي هذه التطورات في ظل تباين داخلي تركي حول آفاق المبادرة التي أطلقها الرئيس رجب طيب أردوغان لتسوية القضية الكردية، وسط ضغوط أمنية متزايدة وتوتر في مناطق شرق الأناضول.
ويرى محللون أن تدفق المقاتلين إلى "قسد" قد يضعف مصداقية العملية السياسية ويعزز مخاوف أنقرة من قيام كيان كردي مسلح على حدودها، وهو ما تعتبره "خطًا أحمر" استراتيجيًا.
ورغم الخطاب الإيجابي الأخير من جانب أنقرة حول "إنهاء الإرهاب عبر الحوار"، إلا أن التحركات الميدانية الأخيرة توحي بأن المعادلة الأمنية لم تتغير بعد، وأن الانتقال من الصراع إلى التسوية ما زال محفوفًا بالعقبات الإقليمية والدولية، لا سيما مع استمرار الدعم الأمريكي لقوات "قسد" في شمال شرق سوريا.