في ظلّ ما يفرضه الاحتلال الإسرائيلي من تهديدات على استقرار المنطقة وأمنها، يمتدّ أثره إلى البحر الأبيض المتوسط، حيث تحوّلت مياهه الإقليمية إلى خزان ضخم للنفايات البلاستيكية، وفق دراسة إسرائيلية حديثة كشفت أن التلوث بلغ مستويات تُعد من الأعلى عالمياً.
5 آلاف كيس بلاستيكي في كل كيلومتر مربع:
البحث الذي أجراه مركز بحوث البحار والبحيرات في إسرائيل بالتعاون مع جامعة حيفا، أظهر أن كثافة النفايات البلاستيكية في المياه الاقتصادية الإسرائيلية تتجاوز 5 آلاف قطعة في الكيلومتر المربع الواحد، أي ما يعادل عشرة أضعاف المعدلات المسجلة في دول المتوسط الأخرى مثل إسبانيا واليونان وإيطاليا. وأوضح التقرير أن النفايات تتراكم في أعماق تتراوح بين 200 و1300 متر، وتشمل أكياساً وأغلفة رقيقة تُعدّ من أكثر الملوثات استقراراً في البيئة البحرية.
خطر بيئي وصحي متفاقم:
أشارت المشرفة على الدراسة، الدكتورة ياعيل سيغال، إلى أن البلاستيك أصبح "موطناً جديداً" لأنواع من البكتيريا غير الطبيعية في البحر، ما يهدد التوازن البيئي ويطلق مواد سامة مع مرور الوقت. كما أن تراكم الأكياس في قاع البحر يؤدي إلى تعطّل سلاسل الغذاء البحرية، وتراجع أعداد الأسماك في المناطق القريبة من السواحل المحتلة.
الاحتلال يبرر ويلقي اللوم على الجيران:
ورغم أن إسرائيل تُعدّ من أكبر المساهمين في التلوث البحري بالمنطقة، فإن السلطات الإسرائيلية سعت إلى تبرير الأزمة، متهمة غزة ومصر ولبنان بإرسال النفايات إلى مياهها عبر التيارات البحرية، فيما تؤكد منظمات بيئية أن الاحتلال دمّر شبكات الصرف في قطاع غزة، وحوّله إلى مصدر رئيسي للنفايات الناتجة عن العدوان والحصار.
تحذيرات بيئية وغياب للمساءلة:
الباحثة ريفيتال بوكمان، من جامعة حيفا، حذّرت من أن تنظيف البحر بات شبه مستحيل، بينما تنظيف الشواطئ يمكن أن يقلل من تسرب الأكياس إلى العمق. وأكدت أن فرض رسوم على الأكياس البلاستيكية في المتاجر لم يكن كافياً للحد من التلوث، داعية إلى التحول نحو استخدام أكياس متعددة الاستعمال وتشديد الرقابة على السفن التي تلقي نفاياتها في البحر.
تشير نتائج البحث إلى أن البحر المتوسط يواجه اليوم أزمة بيئية حادة، تتجاوز حدود إسرائيل لتؤثر على النظام البيئي الإقليمي وصحة ملايين السكان الذين يعتمدون على مياهه وثرواته.