البعثة الأممية في ليبيا: بين الانقسام الداخلي والضغط الدولي

2025.11.01 - 08:33
Facebook Share
طباعة

تواجه بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا تحديات متراكمة منذ تأسيسها، بعد اتهامات حكومة أسامة حمّاد، المنبثقة عن مجلس النواب في الشرق، بتجاوز القوانين الليبية والمواثيق الدولية المنظمة للعلاقات الدبلوماسية هذا التوتر يأتي بالتزامن مع بدء التحضيرات لـ«الحوار المهيكل» الذي أعلنت عنه المبعوثة هانا تيتيه ضمن خريطة الطريق السياسية، ما أعاد فتح نقاش حول مدى التزام البعثة بالقواعد القانونية وموقفها من السلطات المتنافسة في البلاد.

من الناحية القانونية، يستند تدخل الأمم المتحدة في ليبيا إلى قرارات مجلس الأمن 1970 و1973 لعام 2011، والقرار 2009 الذي أنشأ بعثة الدعم لتيسير الانتقال السياسي، البعثة أصبحت جزءاً من الأزمة نفسها، بعد أربعة عشر عاماً من المحاولات دون تحقيق اختراق ملموس، وسط ضعف الثقة بين حكومتي طرابلس والشرق.
ففي حين تتهم حكومة الدبيبة في الغرب بالمماطلة للبقاء في السلطة، ترى حكومة حمّاد أن هناك التفافاً على دورها، وسط غياب إرادة دولية لمعالجة ملفات جوهرية مثل تفكيك الميليشيات وتوحيد المؤسسات.

على صعيد الممارسة، تواجه البعثة اتهامات مستمرة بـ«تجاوز المؤسسات الليبية»، عبر التواصل المباشر مع الجامعات والمؤسسات العامة لاختيار ممثلين للحوار، من دون تنسيق مع وزارة الخارجية الليبية. ويشير الخبراء إلى أن البعثة «اعتادت تجاوز المؤسسات الليبية منذ 2011»، مستشهداً بمؤتمر الصخيرات عام 2015 ومؤتمر جنيف، حيث وصفهما بأنهما انعكسا على التمثيل المحلي وسمحا بتدخلات أجنبية أثرت على نتائجها.

رغم هذه الانتقادات، تؤكد البعثة الأممية أن الحوار المهيكل ليس هيئة لصنع القرار، بل منصة تشاورية تهدف إلى إشراك فئات واسعة من الليبيين، وتعزيز الحوكمة وتوحيد المؤسسات، تمهيداً للانتخابات المقبلة خلال 12 إلى 18 شهراً إلا أن استمرار الانقسام بين الشرق والغرب يعقد مهمة البعثة، ويجعل التسوية الدائمة أكثر صعوبة، إذ يعكس ضعف المؤسسات الوطنية أمام التدخلات الخارجية.

بالخلفية، يظهر أن الأزمة الحالية لا تتعلق بالقانون الدولي فقط، بل بمزيج من الفوضى المؤسسية والانقسام الداخلي، ما يتيح مساحة أكبر للأمم المتحدة للتحرك، بينما تظل الشرعية الوطنية الموزعة بين الحكومتين محدودة، ما يجعل أي حوار أممي عرضة للانتقادات والتأويلات المتعددة حول تجاوز الحدود أو احترام سيادة الدولة. السيناريو المحتمل يعتمد على قدرة البعثة على التوفيق بين التزاماتها الدولية واعتبارات السلطات الليبية، وإلا فإن العملية الحوارية قد تتحول إلى جولة جديدة لإطالة الأزمة بدل إنهائها. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 3 + 10