من حرب إلى مجاعة: اليمن مهدد بانهيار إنساني تاريخي

2025.11.01 - 04:49
Facebook Share
طباعة

يحذر تقرير مشترك صادر عن برنامج الأغذية العالمي ومؤشر الجوع العالمي لعام 2025 من أن اليمن يقف على مشارف مرحلة «الجوع الحاد للغاية»، في مؤشر يعيد تسليط الضوء على واحدة من أطول وأقسى الأزمات الإنسانية في العالم، وسط تراجع الاهتمام الدولي وتقلص التمويل الإغاثي.

بحسب بيانات المسح الميداني الصادر في سبتمبر/أيلول الماضي، فإن 61% من الأسر اليمنية غير قادرة على تلبية الحد الأدنى من احتياجاتها الغذائية، في حين اضطر 49% من الأسر إلى تقليص استهلاك البالغين لصالح الأطفال، في محاولة يائسة للتكيف مع النقص المتزايد في الغذاء.

وتكشف الأرقام أن النازحين داخليًا يشكلون الشريحة الأكثر هشاشة، إذ أبلغ 42% منهم عن مستويات جوع متوسطة إلى شديدة وفي مناطق سيطرة جماعة الحوثيين، وتحديدًا صنعاء، سجلت أعلى مستويات الحرمان الغذائي بواقع 45% بين النازحين، مقابل 33% في المناطق الخاضعة للحكومة المعترف بها دوليًا، ما يعكس تفاوتًا واضحًا في سبل الوصول إلى الغذاء والخدمات الأساسية.

اقتصاد محاصر ونظام إمداد هش:

تزامن التقرير مع نتائج مؤشر السلام العالمي 2025 الذي صنّف اليمن خامس أقل دولة سلمية في العالم، وهو تصنيف يعكس استمرار هشاشة الوضع الأمني وتبعات الحرب الممتدة منذ 2014 ومع تصاعد الهجمات على موانئ البحر الأحمر في أعقاب حرب غزة نهاية 2023، شهدت البلاد ضربة إضافية لشريانها الاقتصادي الأساسي، حيث تراجعت الواردات الغذائية بنسبة 23% وواردات الوقود بنسبة 26% في الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري.

ويعتمد اليمن بشكل شبه كامل على الواردات لتأمين الغذاء والوقود، ما يجعل أي اضطراب في الممرات البحرية بمثابة تهديد مباشر لحياة الملايين. وفي الوقت ذاته، يستمر تقلص التمويل الدولي للمنظمات الإنسانية تحت ضغط الأزمات العالمية المتشابكة، ما يفاقم التحديات أمام الاستجابة الإنسانية.

ديناميات الصراع.. من الداخل إلى الإقليم

تواصل جماعة الحوثيين السيطرة على مساحات واسعة من البلاد، بما فيها العاصمة صنعاء، منذ انقلابها عامي 2014 و2015 وفي العامين الأخيرين، انخرط الحوثيون في عمليات استهداف ممرات الشحن الدولية وإطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل تعبيرًا عن دعم غزة، ما أدخل ملف اليمن في سياق التوترات الإقليمية المتشابكة وأضفى تحديات إضافية على فرص التسوية السياسية.

أزمة تتفاقم في صمت:

رغم الانخفاض الملحوظ في وتيرة العمليات العسكرية المباشرة خلال السنوات الأخيرة، إلا أن الجوع بات السلاح الأخطر في اليمن ومع اختلال سلاسل الإمداد، وارتفاع الأسعار، واستمرار الانقسام السياسي والمؤسسي، تزداد المؤشرات التي تدفع البلاد نحو هاوية إنسانية جديدة قد تكون أعمق وأوسع من سابقاتها.

في ظل هذه المعطيات، يبدو أن اليمنيين يقفون أمام لحظة دقيقة: فإما أن يتحرك المجتمع الدولي سريعًا لتنشيط مسارات التمويل الإنساني ودفع العملية السياسية، أو تخسر البلاد جيلاً جديدًا لصالح الفقر والجوع والعنف. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 7