تصريحات الشرع تغضب القاهرة.. دمشق الجديدة بين التودّد للخليج واستفزاز الجوار العربي

2025.10.30 - 03:10
Facebook Share
طباعة

أحدثت تصريحات الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، خلال مشاركته في مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار 2025 بالرياض، جدلاً واسعًا امتد من الرياض إلى القاهرة وبغداد، بعدما امتدح دول الخليج وخصّ السعودية وقطر والإمارات بوصفها "دولاً ناجحة ومواكبة للتطور"، في مقابل إشارته إلى أن دولاً أخرى مثل مصر والعراق "لديها نجاح، لكنها تعمل بوتيرة أبطأ".

ورغم أن الشرع حرص، بحسب التسجيل الكامل للجلسة، على إظهار احترامه لجميع الدول العربية، إلا أن الصياغة التي استخدمها كانت كافية لإشعال موجة من الانتقادات عبر المنصات المصرية والعراقية، وفتح نقاش حول وجهة السياسة السورية الجديدة بعد سقوط نظام الأسد.


جاءت تصريحات الشرع في حضور ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وفي لحظة حساسة تسعى فيها دمشق لتثبيت موقعها ضمن الترتيب الإقليمي الجديد الذي تقوده رؤية السعودية 2030، بما في ذلك فرص الاستثمار في إعادة إعمار سوريا، والتي أعلنت عنها دمشق مؤخرًا بقيمة تقارب 28 مليار دولار.

الشرع أراد تمرير رسائل متعددة الاتجاهات:

أولاً، طمأنة الرياض بأن دمشق باتت على خطّ الانفتاح الاقتصادي والسياسي، وأن التحالفات السابقة لم تعد قيدًا على خياراتها.

ثانيًا، إعادة التموضع في النظام العربي بعد سنوات من العزلة، عبر تبنّي خطاب تنموي يتناغم مع الرؤية الخليجية.

ثالثًا، جذب الاستثمارات عبر إظهار سوريا كدولة «متحوّلة» من موقع الأزمة إلى موقع النمو.


لكن المقارنة بين دول "ناجحة" وأخرى "تعمل بجهد أقل" كانت كفيلة بإعادة إنتاج صورة سلبية، فُهمت في مصر والعراق على أنها نغمة فوقية تتنافى مع التوازن التاريخي للعلاقات العربية.

 

ردود غاضبة وتفسيرات متباينة

في مصر، انتقد إعلاميون ومواطنون ما اعتبروه "تقليلاً غير مبرر" من مكانة بلد استقبل ملايين اللاجئين السوريين وساند دمشق سياسيًا في محطات حرجة.
أما في العراق، فقد جاءت الردود أكثر حدة، إذ رأى بعض المعلقين أن الشرع تجاهل التضحيات العراقية في حماية الأمن الإقليمي ومحاربة الإرهاب.

في المقابل، دافع أنصار الشرع عن خطابه معتبرين أن الاقتباسات المتداولة مجتزأة، وأن الهدف من حديثه كان الإشادة بسرعة التنمية الخليجية وليس الانتقاص من أي طرف عربي.

 

بين الطموح والانزلاق الدبلوماسي

تبدو دمشق اليوم أمام اختبار توازن صعب:
كيف يمكن لها أن تفتح أبواب الخليج دون أن تُغلق نوافذها مع القاهرة وبغداد؟
فالنظام الانتقالي الذي يسعى لإعادة شرعيته عربياً يعتمد على خطاب جديد يتجاوز الانغلاق الأمني السابق، لكنه في المقابل يواجه حساسية تاريخية تتعلق بالتحالفات الإقليمية وموقع سوريا في محاور المنطقة.

المخاطر تكمن في أن أي مبالغة في الخطاب الانفتاحي نحو الخليج قد تُترجم في نظر جيرانها على أنها تحوّل في الولاءات، بينما المطلوب دبلوماسية متزنة تحفظ المصالح الاقتصادية دون المساس برمزية العلاقات التاريخية.


 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 7