تفاقمت حدة الصراع داخل المؤسسة السياسية الإسرائيلية مع تصاعد الاتهامات لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بمحاولة الالتفاف على التحقيقات الخاصة بإخفاقات السابع من أكتوبر، إذ هاجم رئيس حزب أزرق أبيض بيني غانتس، نية نتنياهو تعديل قانون اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق بما يسمح بتشكيل لجنة لا تصدر توصيات شخصية بحق المسؤولين.
وقال غانتس في تصريحات حادة إن “الجهود التي تبذلونها للهروب من المحاسبة شفافة وغير ضرورية، ولن تمر. لن تكون هناك لجنة تحقيق شكلية مصممة على مقاسك، بل لجنة تحقيق حقيقية تابعة للدولة، ستقام معك أو بدونك، عاجلاً أم آجلاً”.
وأضاف أن أي محاولة لتقليص صلاحيات لجنة التحقيق أو تحويلها إلى هيئة شكلية لن تحظى بشرعية سياسية أو شعبية، مشددًا على أن المسؤولية السياسية عن إخفاقات الحرب “لا يمكن دفنها في دهاليز البيروقراطية القانونية”.
وفي السياق نفسه، انضم عضو الكنيست فلاديمير بلياك من حزب يش عتيد إلى الهجوم، معتبرًا أن “نتنياهو يهرب من لجنة تحقيق حكومية لأنه يعرف جيدًا ما ستكشفه من حقائق”. وأضاف: “الجمهور الإسرائيلي لن يقبل بتمييع التحقيق في إخفاقات السابع من أكتوبر أو محاولة طمس الحقائق”.
لجان التحقيق بين السياسة والمحاسبة
تُشكّل لجان التحقيق الحكومية في إسرائيل عادةً استجابةً لضغوط سياسية وشعبية بعد أحداث أمنية أو عسكرية كبرى، وتُمنح صلاحيات واسعة للتحقيق في إخفاقات مؤسسات الدولة. إلا أن الجدل الدائر حاليًا يتمحور حول رغبة نتنياهو في تعديل القانون بما يحول دون تحميل أي مسؤول حكومي أو عسكري مسؤولية شخصية، وهو ما تعتبره المعارضة “انقلابًا على مبدأ المحاسبة”.
وتشير التقديرات في الأوساط الإسرائيلية إلى أن أي لجنة تحقيق حقيقية قد تُحدث زلزالًا سياسيًا في تل أبيب، بالنظر إلى الاتهامات الموجهة للحكومة بالفشل في منع هجوم السابع من أكتوبر، وإدارتها المثيرة للجدل للحرب على غزة.
السابع من أكتوبر.. الجرح المفتوح في إسرائيل
لا يزال يوم السابع من أكتوبر 2023 يمثل لحظة مفصلية في التاريخ الإسرائيلي، بعدما نفذت حركة المقاومة الفلسطينية “حماس” هجومًا مفاجئًا أدى إلى مقتل مئات الإسرائيليين وأسر العشرات، وهو الحدث الذي أعاد تشكيل المشهد السياسي والعسكري في إسرائيل وأثار موجة من الغضب الشعبي ضد الحكومة.
ومنذ ذلك الحين، تتعرض حكومة نتنياهو لضغوط متزايدة من المعارضة والشارع، تطالب بإجراء تحقيق رسمي مستقل يحدد المسؤوليات السياسية والعسكرية عن الإخفاقات التي سبقت الهجوم وتلك التي أعقبته.
هجوم غانتس وبلياك يعكس تصاعد التوتر داخل الطبقة السياسية الإسرائيلية مع اقتراب لحظة المحاسبة. فبينما يسعى نتنياهو إلى احتواء الأزمة بتعديلات قانونية تمنحه هامشًا للمناورة، تصر المعارضة على أن “الهروب من لجنة تحقيق حقيقية لن يكون ممكنًا إلى الأبد”.