السودان.. أين يقف المجتمع الدولي من مأساة الفاشر؟

2025.10.29 - 03:22
Facebook Share
طباعة

حذّر خبير القانون الدولي وعضو الجمعية المصرية للقانون الدولي، الدكتور محمد محمود مهران، من أنّ ما يجري في مدينة الفاشر بإقليم دارفور السوداني يُمثّل "كارثة إنسانية غير مسبوقة"، قد ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية، في ظلّ صمت دولي مريب وعجز أممي عن التدخل الفعّال لحماية المدنيين.


أكد الدكتور مهران، أنّ المدنيين في الفاشر يتعرضون لحملة منظمة تشمل القتل الممنهج، الاغتصاب الجماعي، التهجير القسري، ونهب الممتلكات وحرقها، إضافة إلى حصار خانق يحرم السكان من الغذاء والدواء والمياه، ما يجعل الوضع الإنساني في المدينة على شفا الانهيار الكامل.

وأشار إلى أنّ التقارير الميدانية للأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان توثق بشكل يومي انتهاكات جسيمة، بينها هجمات عشوائية على الأسواق والمستشفيات والمدارس وأماكن النزوح، أدت إلى مقتل المئات من الأطفال والنساء وكبار السن جراء الجوع والمرض، فيما نزح عشرات الآلاف في ظروف مأساوية دون مأوى أو رعاية.

ومن الناحية القانونية، أوضح مهران أن هذه الممارسات تمثل انتهاكًا صارخًا لاتفاقيات جنيف الأربع، وخاصة المادة الثالثة المشتركة التي تحظر القتل والتعذيب والمعاملة القاسية وأخذ الرهائن، مؤكدًا أنّ استهداف المنشآت الطبية والتعليمية يُعدّ جريمة حرب بموجب المادة الثامنة من نظام روما الأساسي.

وأضاف أن الأنماط الميدانية تشير بوضوح إلى نية إبادية، تتطابق مع اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948، من خلال استهداف جماعات عرقية محددة واستخدام الاغتصاب كسلاح حرب، واتباع سياسة تهجير ممنهجة، وهي كلها مؤشرات تدل على "نية تدمير جماعة بعينها كليًا أو جزئيًا"، على حد قوله.

كما صنّف الخبير القانوني هذه الأفعال ضمن الجرائم ضد الإنسانية وفق المادة السابعة من نظام روما الأساسي، نظرًا لكونها تجري في إطار هجوم واسع النطاق ومنهجي ضد السكان المدنيين، وتشمل القتل العمد، الإبادة، النقل القسري، الاضطهاد، والعنف الجنسي.

وأدان مهران استخدام التجويع كسلاح حرب عبر منع وصول المساعدات الإنسانية، معتبرًا ذلك انتهاكًا صارخًا للمادة (54) من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف، كما استنكر الاغتصاب الجماعي الممنهج الذي وثقته منظمات أممية باعتباره وسيلة لتدمير جماعات مستهدفة، وهو ما يدخل ضمن خطة إبادية متكاملة.

وانتقد الخبير القانوني تخاذل المجتمع الدولي ومجلس الأمن عن اتخاذ إجراءات حاسمة، مرجعًا ذلك إلى التجاذبات السياسية والمصالح المتقاطعة التي تعرقل قرارات الحماية الدولية. ودعا إلى تحرك فوري عبر:

إصدار قرار عاجل من مجلس الأمن لوقف إطلاق النار وحماية المدنيين.

نشر قوات حفظ سلام دولية في الفاشر وفتح ممرات آمنة لإيصال المساعدات.

إحالة الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحاسبة القادة المتورطين.

فرض عقوبات مالية ودبلوماسية على المسؤولين عن الجرائم.

تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة لتوثيق الانتهاكات وجمع الأدلة.

 

اختتم مهران تحذيراته بالتأكيد على أن ما يحدث في الفاشر هو إبادة جماعية صريحة تُرتكب أمام أنظار العالم، محذرًا من أن التاريخ لن يغفر الصمت الدولي، وأنّ أدوات القانون الدولي موجودة بالفعل، لكن ما ينقص هو الإرادة السياسية لإنقاذ الأرواح قبل فوات الأوان.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 10 + 1