إسرائيل منقسمة أخلاقياً وسياسياً: ضغوط اليمين تهدد سيادة القانون

2025.10.28 - 08:07
Facebook Share
طباعة

يتصاعد الجدل في إسرائيل بعد الكشف عن أن الرئيس إسحاق هرتصوغ يدرس تخفيف العقوبة عن عامي بوبر، مرتكب مجزرة "عيون قارة" عام 1990 التي راح ضحيتها سبعة عمال فلسطينيين وأصيب فيها آخرون القرار المحتمل أثار عاصفة من الانتقادات داخل الأوساط السياسية والحقوقية، وسط حملة ضغط منظمة من قِبل أحزاب اليمين للمطالبة بالإفراج عن ما يُسمّونهم "المعتقلين الأمنيين اليهود".

وبحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت"، فإن 55 من أعضاء الكنيست والوزراء، من بينهم 11 وزيراً من الائتلاف الحاكم، وقّعوا على رسالة تطالب الرئيس بتخفيف العقوبات أو إطلاق سراح الأسرى اليهود المدانين بجرائم قومية، في خطوة تكشف مدى تغلغل التيارات اليمينية المتشددة في دوائر صنع القرار. وشارك في التوقيع ممثلون من أحزاب "الليكود"، "القوة اليهودية"، "شاس"، "يهودية التوراة"، و"الصهيونية الدينية"، بينما قادت المبادرة عضو الكنيست ليمور سون هار-ميلخ بالتعاون مع منظمة اليمين المتطرف "حونينو".

تستند حملة الضغط هذه إلى مبرر تقول إنه "تمييز في السياسة العقابية"، إذ تعتبر أن إطلاق سراح أسرى فلسطينيين في صفقات التبادل يستوجب المعاملة بالمثل مع اليهود المدانين بجرائم قومية لكن مراقبين يرون أن هذا الطرح يمثل تبريراً خطيراً لتبييض الإرهاب اليهودي، ويقوّض أسس العدالة والمساواة أمام القانون.

وقد أثارت الخطوة موجة غضب واسعة من المعارضة التي وصفتها بأنها "سقوط أخلاقي" و"إهانة لضحايا الإرهاب اليهودي". واعتبر نواب من حزب الديمقراطيين أن مطالبة الائتلاف بإطلاق سراح القتلة تشبه ممارسات التنظيمات المتطرفة التي تمجّد القتلة وتحولهم إلى رموز. أما عضو الكنيست أحمد الطيبي فهاجم الدعوات معتبرًا أنها "امتداد مباشر لسياسات عنصرية تبرّر قتل الفلسطينيين على أساس قومي".

يرى محللون أن الجدل حول تخفيف عقوبة بوبر يتجاوز قضية فردية إلى أزمة أعمق في الهوية السياسية الإسرائيلية، إذ يعكس تنامي نفوذ التيار القومي الديني داخل الحكومة وسعيه لفرض مقاييس مزدوجة في العدالة. كما يطرح تساؤلات حول مستقبل العلاقة بين السلطة القضائية والمؤسسة السياسية، في ظل محاولات متكررة لتقويض استقلال القضاء لصالح أجندة أيديولوجية.

تأتي هذه التطورات في وقت حساس تمر به إسرائيل وسط انقسامات داخلية حادة بشأن السياسات الأمنية وصفقات التبادل، ما يجعل قرار الرئيس اختباراً أخلاقياً وسياسياً حقيقياً: فإما أن يرسّخ قيم العدالة وسيادة القانون، أو يرضخ لضغوط اليمين المتطرف ويمنح الغطاء الرسمي لتبرير الإرهاب اليهودي. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 4