إبادة مصوّرة في دارفور: «الدعم السريع» يذبح الفاشر تحت أنظار العالم

2025.10.28 - 02:52
Facebook Share
طباعة

تتصاعد الاتهامات الدولية والمحلية ضد قوات «الدعم السريع» بارتكاب جرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، بعد إعلانها السيطرة الكاملة على المدينة عقب حصارٍ استمرّ أكثر من عام. الحكومة السودانية وصفت ما جرى بأنه «فصل جديد من المجازر الممنهجة»، بينما تؤكد مشاهد مصوّرة تداولها عناصر من الدعم السريع بأن الفظائع «موثقة» على نحوٍ متعمّد.

 


اتهامات بالإبادة والتوثيق بالفيديو

في بيان شديد اللهجة، قالت وزارة الخارجية السودانية إن حكومة الخرطوم «تدين بأشد العبارات الجرائم الإرهابية المروّعة التي ترتكبها مليشيا الدعم السريع في مدينة الفاشر»، مشيرة إلى أن المليشيا نفّذت «عمليات قتل عنصري وترويع ممنهجة ضد المدنيين العزّل، بمن فيهم النساء والأطفال وكبار السن».

وأضاف البيان أن مرتكبي هذه الجرائم «يوثّقون أفعالهم بالفيديو ووسائل التواصل، في استعراض فاضح لطبيعتهم الإجرامية التي تحترف الدماء والإرهاب». واتهمت الحكومة «مليشيا آل دقلو» بالتخطيط المسبق لـ«الإبادة الجماعية» عبر حصار المدينة وتجويع سكانها لعامين ونصف، تمهيداً لاقتحامها وتنفيذ عمليات تصفية جماعية.

وأشار البيان إلى أن الحكومة السودانية كانت قد حذّرت مراراً المجتمع الدولي من تداعيات الصمت الدولي، داعية إلى تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم (2736) الصادر في عام 2024، والذي ينص على فرض عقوبات ومساءلة قادة الدعم السريع المتورطين في الجرائم.

البرهان يتوعد بالقصاص

رئيس مجلس السيادة، الفريق عبد الفتاح البرهان، خرج في كلمة متلفزة مؤكداً أن «الجيش السوداني والشعب سينتصران مهما طال الزمن»، مضيفاً أن القيادة العسكرية اتخذت قرار الانسحاب من الفاشر بعد «تدميرها بشكل ممنهج». وتعهد البرهان بـ«القصاص لكل الشهداء»، مشدداً على أن القوات المسلحة «قادرة على قلب الموازين واستعادة كل الأراضي».

بدوره، دعا نائب رئيس مجلس السيادة مالك عقار إلى «التماسك وعدم الانكسار رغم صعوبة اللحظة»، مؤكداً أن «تراجع الجيش في الفاشر لا يعني نهاية الطريق».

مشاهد ميدانية: القتل والاختطاف والفوضى

مع إعلان الدعم السريع سيطرتها على المدينة صباح الأحد، بدأت تتوالى التقارير عن عمليات قتل واسعة بحق المدنيين واختطاف أطباء وعاملين في المستشفيات. وأفادت مصادر محلية بأن عشرات الجثث شوهدت في شوارع الفاشر، فيما فُرضت قيود على الحركة داخل المدينة، وأُغلقت المستشفيات الميدانية.

وسائل التواصل الاجتماعي تحوّلت إلى منصة استغاثة، إذ انتشرت وسوم مثل#الفاشر_تموت_جوعاً و#أنقذوا_الفاشر و#الفاشر_تتعرض_للإبادة، مصحوبة بصور تُظهر حجم الدمار ومعاناة السكان المحاصرين الذين يعانون من نقص حاد في الغذاء والمياه والأدوية.

المجتمع الدولي: صمت ثقيل ومخاوف من التدويل

رغم فظاعة المشاهد، لم يصدر حتى الآن موقف حاسم من المجتمع الدولي، وسط اتهامات سودانية بوجود «تواطؤ دولي وصمت مريب».
وتقول الحكومة إن «تسييس الأزمة وانحياز بعض الدول لمصالحها السياسية والاقتصادية على حساب الموقف الأخلاقي» ساهم في مذبحة الفاشر، بينما تحذّر من أن استمرار الوضع دون تدخل قد يؤدي إلى «تفكك الدولة السودانية بالكامل».

 


مدينة الفاشر تُعدّ آخر معاقل الجيش السوداني في إقليم دارفور قبل سقوطها في أيدي قوات الدعم السريع. ومنذ اندلاع الحرب في أبريل 2023، تحوّلت دارفور إلى ساحة رئيسية للقتال، حيث وثّقت منظمات حقوقية دولية عمليات قتل وتهجير قسري على أساس عرقي، ما أعاد للأذهان مشاهد الإبادة الجماعية التي شهدها الإقليم مطلع الألفية.

ويُنظر إلى السيطرة على الفاشر كتحوّل استراتيجي خطير في مسار الحرب، إذ تفتح الباب أمام «الدعم السريع» للتقدم نحو وسط السودان وربما تهديد العاصمة الخرطوم من جديد، في وقتٍ تتصاعد فيه التحذيرات من انهيار الدولة وتحوّل الصراع إلى فوضى شاملة.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 7