عاد ملف الأسرى بين إسرائيل وحركة "حماس" إلى الواجهة مجدداً، بعدما كشفت مصادر إسرائيلية أن الجثة التي تسلمها الجيش الإسرائيلي عبر الصليب الأحمر مساء الاثنين لم تكن كاملة، بل أجزاء من جثة أسير كانت تل أبيب قد تسلمتها سابقاً. الخطوة التي وصفتها تل أبيب بأنها "إهانة متعمدة"، دفعت رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى الدعوة لعقد مشاورات أمنية طارئة، في مؤشر على احتمال التصعيد الميداني في قطاع غزة.
بحسب القناة الإسرائيلية "12"، فإن نتنياهو سيجتمع مع قادة المؤسسة الأمنية والعسكرية لبحث "إجراءات عقابية" ضد حركة "حماس"، على خلفية ما تعتبره إسرائيل "انتهاكاً للتفاهمات" الخاصة بملف تبادل الأسرى الذي ترعاه جهات إقليمية ودولية منذ أشهر.
وأوضحت القناة أن تل أبيب تلقت مساء الاثنين جثة أسير عبر الصليب الأحمر، لكن الفحوص الأولية في "معهد أبو كبير للطب الشرعي" أظهرت أن الجثة تتضمن أجزاء سبق تسلمها ضمن صفقة سابقة، ما أثار غضباً واسعاً في أوساط عائلات الأسرى والقيادة العسكرية على حد سواء.
الجيش الإسرائيلي أعلن من جانبه أنه لا يزال يحتفظ بـ13 جثة لجنوده داخل قطاع غزة، وأن عمليات البحث في رفح وخان يونس لم تسفر عن أي نتائج ملموسة، في ظل ما وصفه بـ"الظروف الأمنية المعقدة" في الميدان.
في المقابل، قال خليل الحية، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" في غزة، إنّ الحركة "تتعامل بجدية مع هذا الملف الإنساني"، مؤكداً أن فصائل المقاومة "ستبدأ عمليات بحث في مناطق جديدة" لتحديد مصير الأسرى أو جثثهم، مشدداً على أن "حماس حريصة على الحفاظ على التفاهمات القائمة مع الوسطاء"، وأنها "لا تستهدف إفشال أي مسار إنساني يخدم الشعب الفلسطيني".
إلا أن أوساطاً إسرائيلية ترى أن هذا الحدث قد يدفع الحكومة إلى إعادة النظر في آليات التفاوض غير المباشر الجارية منذ أشهر عبر قطر ومصر، وربما تعليق بعض الترتيبات الإنسانية في القطاع، خاصة تلك المتعلقة بإدخال المساعدات والوقود.
في المقابل، يحذر مراقبون من أن أي تصعيد جديد قد ينسف ما تبقى من التفاهمات الهشة، ويقود إلى جولة قتال جديدة في وقتٍ يشهد فيه جنوب القطاع توتراً متزايداً نتيجة استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية وغياب الأفق السياسي.
يُعد ملف الأسرى أحد أعقد الملفات في العلاقة بين إسرائيل وحركة "حماس"، إذ لا يزال الطرفان يتبادلان الاتهامات بشأن عرقلة جهود الوسطاء في القاهرة والدوحة، فيما تسعى عائلات الجنود الأسرى في إسرائيل للضغط على الحكومة لإبرام صفقة تبادل شاملة.
وفي نوفمبر الماضي، كانت الحركة قد سلّمت عبر الصليب الأحمر جثث عدد من الجنود الإسرائيليين في إطار "بادرة إنسانية" بوساطة مصرية، إلا أن تعثر المفاوضات لاحقاً أعاد الملف إلى الجمود.
ويأتي التطور الأخير في ظل حالة احتقان داخلي في إسرائيل، وضغوط من المعارضة والشارع على حكومة نتنياهو، ما يجعل أي خطوة من "حماس" تُستغل داخلياً كذريعة لتشديد الموقف أو شن عمليات جديدة داخل القطاع.