جنين من جديد.. إسرائيل تنقل دم غزة إلى الضفة

2025.10.28 - 11:05
Facebook Share
طباعة

في حلقة جديدة من مسلسل التصعيد الإسرائيلي في الضفة الغربية، اغتالت القوات الإسرائيلية فجر اليوم ثلاثة شبان فلسطينيين داخل قرية كفر قود غرب جنين، عبر عملية مركّبة استخدمت فيها القناصة والطائرات المسيرة.
العملية التي وُصفت ميدانياً بأنها اغتيال مباشر جاءت وسط تصاعد واضح في استهداف المقاومة بالضفة، بما يعكس انتقال نمط العمليات العسكرية من قطاع غزة إلى الضفة الغربية بوتيرة متسارعة.

 


اغتيال تحت غطاء أمني

وفق روايات محلية متقاطعة، اقتحمت قوات إسرائيلية خاصة القرية فجر الثلاثاء، وحاصرت منزلاً يُعتقد أن الشبان الثلاثة كانوا يتحصنون بداخله، قبل أن تُنفّذ قصفاً جوياً أنهى الاشتباك سريعاً.
منعت القوات طواقم الإسعاف الفلسطينية من الوصول إلى المكان، واحتجزت جثامين الشهداء، في مشهد تكرر في العديد من عمليات الاغتيال المماثلة خلال الأسابيع الأخيرة.

الجيش الإسرائيلي أعلن في بيان مقتضب أن "قواته أحبطت خلية كانت تخطط لهجوم"، بينما أكدت مصادر فلسطينية أن الشبان الثلاثة لم يكونوا في مواجهة مسلحة لحظة استهدافهم، مما يجعل ما حدث أقرب إلى إعدام ميداني خارج نطاق القانون.

 

ردود الفعل الفلسطينية: تصعيد مقابل تصعيد

أدانت الفصائل الفلسطينية العملية بأشد العبارات، واعتبرتها جزءاً من "الحرب المفتوحة" التي تشنها إسرائيل على الضفة الغربية منذ اندلاع حرب غزة قبل عامين.

حركة حماس قالت إن "دماء الشهداء الثلاثة ستشعل المواجهة في كل نقاط التماس"، مشيرة إلى أن سياسة الاغتيالات "لن تُضعف إرادة المقاومة".

حركة الجهاد الإسلامي وصفت ما جرى بأنه "جريمة حرب مكتملة الأركان"، مؤكدة أن إسرائيل "تستخدم الطيران والقناصة ضد مدنيين في مناطق مأهولة"، في انتهاك صارخ للقانون الدولي.

أما الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين فربطت الحادثة بمحاولة إسرائيل "نقل نموذج الحرب من غزة إلى الضفة"، عبر تصعيد عسكري منظم يهدف إلى تفريغ الضفة من بؤر المقاومة الفاعلة.


وفي المقابل، أصدرت فعاليات محلية في جنين دعوات لتنظيم يوم غضب وإغلاق الطرق المؤدية إلى المستوطنات، ما ينبئ بتصعيد ميداني وشيك.

 

الضفة الغربية كجبهة بديلة

العمليات الأخيرة في الضفة الغربية، وخاصة في جنين وطولكرم ونابلس، تعكس تحوّلاً في المقاربة الإسرائيلية تجاه الساحة الفلسطينية الداخلية.
فبينما كانت إسرائيل تُركّز جهودها العسكرية على قطاع غزة وجنوب لبنان، باتت اليوم تتعامل مع الضفة الغربية باعتبارها الجبهة الأخطر من حيث القرب الجغرافي والاحتكاك المباشر مع المستوطنات.

تُظهر عمليات القصف الجوي في الضفة – وهو تطور غير مسبوق منذ عقود – أن تل أبيب انتقلت إلى مرحلة ميدانية جديدة تقوم على "الضربات الاستباقية" و"الاغتيالات النوعية" في مناطق مكتظة بالسكان، وهو ما يفسّره مراقبون بأنه مؤشر على فشل القبضة الأمنية في احتواء المقاومة المحلية.

 

رمزية جنين ومخاطر التوسع

تمثل جنين ومخيمها منذ عام 2021 محور الاشتباك الأبرز في الضفة الغربية، إذ تحولت إلى منطقة اشتباك مفتوحة تجمع بين العمل المسلح المنظّم والمقاومة الشعبية، مما جعلها هدفاً دائماً للعمليات الإسرائيلية.
ويرى محللون أن ما جرى في كفر قود ليس حادثاً معزولاً، بل جزء من استراتيجية تصعيد تدريجي تهدف إلى تفكيك البنية الميدانية للمقاومة في الشمال الفلسطيني، وإعادة فرض السيطرة الإسرائيلية الكاملة على الضفة الغربية عبر الردع العسكري المباشر.

 


اغتيال الشبان الثلاثة في كفر قود يضيف حلقة جديدة إلى سلسلة التصعيدات الإسرائيلية في الضفة الغربية، في وقت تتجه فيه المنطقة نحو مرحلة جديدة من الصراع المفتوح، حيث لم تعد الحرب محصورة في غزة، بل تمددت إلى مدن الضفة وريفها.

وبينما تؤكد إسرائيل أنها "تحارب الإرهاب"، يرى الفلسطينيون أن ما يحدث هو إعادة إنتاج للاحتلال بوسائل أكثر عنفاً.
وفي ظل غياب أي أفق سياسي وتسارع وتيرة الاغتيالات، تبقى الضفة مرشحة لمزيد من الانفجار، فيما تتزايد المؤشرات على أن العام المقبل قد يشهد تحوّل الضفة إلى الجبهة المركزية للمقاومة الفلسطينية.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 8