في أحدث فصول التوتر الهش بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، أكد وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو أن الضربة الجوية الإسرائيلية الأخيرة في قطاع غزة لا تُعد خرقاً لاتفاق وقف إطلاق النار، بل تأتي في إطار "حق إسرائيل في الدفاع عن النفس"، وفق تعبيره.
تصريحات مثيرة للجدل من واشنطن
وجاءت تصريحات روبيو خلال مؤتمر صحفي على متن الطائرة الرئاسية الأمريكية في طريقها إلى آسيا برفقة الرئيس دونالد ترامب، حيث قال:
> "لا نعتبر ذلك انتهاكاً لوقف إطلاق النار، فإسرائيل لم تتنازل عن حقها في الدفاع عن نفسها ضمن الاتفاق الذي رعته واشنطن ومصر وقطر."
وأضاف الوزير الأمريكي أن الهدنة القائمة منذ نهاية الحرب التي استمرت عامين بين إسرائيل و"حماس" تقوم على التزامات متبادلة، مشيراً إلى أن على الحركة الإسراع في تسليم رفات الرهائن الذين قضوا في الأسر كجزء من التفاهمات الأخيرة التي شملت إطلاق الأسرى الأحياء.
الضربة بعد مغادرة روبيو
وبحسب وسائل إعلام إسرائيلية، نُفذت الغارة الإسرائيلية السبت الماضي، بعد ساعات قليلة من مغادرة روبيو الأراضي المحتلة، في زيارة هدفت إلى ترسيخ اتفاق وقف إطلاق النار وضمان استمراره.
وأكد الجيش الإسرائيلي في بيان رسمي أنه استهدف "عنصراً في حركة الجهاد الإسلامي" داخل مخيم النصيرات وسط القطاع، زاعماً أنه كان يخطط لهجوم ضد القوات الإسرائيلية في المناطق الحدودية.
رد الجهاد الإسلامي: “افتراء وتبرير للعدوان”
في المقابل، ردت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، على البيان الإسرائيلي باتهام تل أبيب بـ"الافتراء"، مؤكدة أن الحديث عن "عمل وشيك" مجرد ذريعة لتبرير خرق واضح لوقف إطلاق النار.
وجاء في البيان:
> "ادعاء جيش الاحتلال أن كوادر من سرايا القدس في النصيرات كانوا يعدّون لعمل وشيك هو محض افتراء يسعى الاحتلال من ورائه إلى تبرير عدوانه وخرقه للهدنة."
اختبار مبكر لاتفاق هش
يرى مراقبون أن تصريحات روبيو تمثل غطاءً سياسياً لإسرائيل لاستئناف عملياتها المحدودة في غزة، تحت ذريعة "الدفاع الوقائي"، ما يعيد إلى الأذهان نمط السلوك الإسرائيلي في الهدن السابقة التي كانت تتآكل تدريجياً بفعل هذه الخروقات "المبررة".
ويشير المحللون إلى أن واشنطن، بتصريحات روبيو، تسعى لتثبيت معادلة جديدة تتيح لإسرائيل هامشاً واسعاً للتحرك العسكري دون أن يُعد ذلك إخلالاً رسمياً بالاتفاق، وهو ما قد يفتح الباب أمام تصعيد تدريجي في الأسابيع المقبلة، خصوصاً إذا تكررت مثل هذه العمليات.
هدنة على المحك
في ظل هذا التباين في المواقف، تبقى الهدنة الهشة في غزة عرضة للانهيار، خاصة مع تصاعد الشكوك حول نوايا إسرائيل الحقيقية واستمرار الدعم الأمريكي غير المشروط.
فبين خطاب "الدفاع المشروع" واتهامات "العدوان المقنّع"، يبدو أن غزة تعيش مرحلة اختبار جديدة لاتفاق وُلد هشاً، وربما لا يصمد طويلاً أمام أي "ضربة تالية".