اشتباكات دير الزور: تصدّع التفاهمات وسباق النفوذ شرق الفرات

2025.10.27 - 09:45
Facebook Share
طباعة

تجددت الاشتباكات بين قوات الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) في بلدتي محكان والكشمة بريف دير الزور الشرقي، في مؤشر جديد على هشاشة التفاهمات الميدانية بين الجانبين، وعلى تصاعد التنافس الإقليمي في أكثر مناطق سوريا تعقيداً.

مواجهات ميدانية محدودة.. ودلالات سياسية كبيرة

وفق مصادر ميدانية متقاطعة، اندلعت الاشتباكات في الساعات الأولى من فجر الأحد، واستخدم فيها الطرفان الأسلحة الرشاشة والقذائف الصاروخية، قبل أن تمتد إلى بلدة ذيبان المجاورة.


ورغم محدودية نطاقها الجغرافي، إلا أن المواجهات جاءت في لحظة سياسية حساسة، تزامناً مع محاولات دمشق تثبيت وجودها شرق الفرات، وسعي “قسد” إلى تعزيز سيطرتها على خطوط التماس مع مناطق الحكومة بدعم أميركي غير معلن.

مصادر محلية أفادت أن “قسد” دفعت بتعزيزات من ريف الحسكة إلى دير الزور، في وقت استنفرت وحدات الجيش السوري وحلفاؤه في الضفة الغربية من نهر الفرات، وسط ترقّب حذر من تجدد المواجهات.

اتفاق هشّ على المحك

يعود آخر تفاهم رسمي بين دمشق و«قسد» إلى 10 آذار الفائت، حين توصّل الطرفان إلى اتفاق ميداني بوساطة روسية، قضى بوقف إطلاق النار وتبادل محدود للأسرى، مقابل التزام “قسد” بفتح قنوات تنسيق أمني في مناطق الحسكة ودير الزور.
لكنّ الاتفاق ظل هشًّا، بفعل تضارب المصالح الاستراتيجية بين الجانبين: فدمشق تسعى إلى استعادة السيطرة الكاملة على موارد النفط والغاز شرق البلاد، بينما ترى “قسد” أن أي تمدد حكومي في تلك المناطق يعني نهاية مشروعها السياسي والإداري.

وتعدّ محافظة دير الزور العقدة الجغرافية الأهم في الصراع السوري، إذ تتقاطع فيها مصالح دمشق، و«قسد»، والولايات المتحدة، وإيران، وروسيا على حد سواء، فضلًا عن بقايا تنظيم “داعش” الذي لا يزال ينشط في مناطق البادية الواسعة.


تركيا: إعادة التموضع شمالاً وتأثيره شرقاً

التحركات التركية الأخيرة في الشمال السوري، خصوصاً تعيين نائب وزير الخارجية نوح يلماز مبعوثًا خاصًا في دمشق، أعادت خلط الأوراق في المشهد السوري برمته.
فأنقرة تسعى إلى تحصين مناطق نفوذها شمال حلب والحسكة، وتخشى في الوقت ذاته من تقارب محتمل بين “قسد” ودمشق برعاية روسية، قد يفضي إلى تسوية جديدة تُضعف أوراقها في الميدان والسياسة.

تركيا، عبر اتصالاتها الأمنية غير المعلنة، تحاول الموازنة بين منع تمدد «قسد» المدعومة أميركياً، وبين احتواء النفوذ الإيراني في دير الزور، في وقت يبدو فيه الموقف الروسي أقرب إلى “الحياد المراقِب” لحين اتضاح اتجاهات الميدان.

 

شرق الفرات.. ساحة مفتوحة للصراع الطويل

تُظهر الاشتباكات في دير الزور أن توازنات شرق سوريا لا تزال هشة وقابلة للاشتعال، وأن أي اتفاق بين دمشق و«قسد» لن يصمد ما لم تُحسم ملفات السيطرة على الموارد والنفوذ الأمني.
وبينما تواصل القوى الإقليمية والدولية إدارة المشهد من خلف الستار، يبدو أن الشرق السوري يسير نحو مرحلة إعادة رسم خرائط النفوذ، حيث لا تزال البنادق تتحدث قبل السياسة.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 10