أعلنت عائلات الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة، ولأول مرة بشكل جماعي وواضح، اتهامها لقيادة الجيش بالمسؤولية عن وفاة 43 رهيناً قضوا خلال الأسر، مبديةً رفضها لمسعى حكومة بنيامين نتنياهو لتعيين لجنة تحقيق حكومية بدلاً من تحقيق مستقل برئاسة قاضٍ من المحكمة العليا. الموقف الجديد للعائلات أدخل نقاشاً حاداً حول إدارة الحرب والمفاوضات، ورفع سقف المطالبات الداخلية بمحاسبة الجهات المسؤولة عن سير الأحداث منذ هجوم 7 أكتوبر 2023.
ما الذي تطالب به العائلات؟
المحتجون يطالبون بتشكيل لجنة تحقيق رسمية برئاسة قاضٍ تعينه المحكمة العليا وليس الحكومة، وإجراء تحقيق «عميق ونزيه» في ظروف اختطاف الرهائن، إدارة الحرب، وسير مفاوضات الإفراج عن الرهائن. كما يطالبون بفتح تحقيق في سبب إطالة أمد الحرب التي أصبحت، بحسبهم، الأطول في تاريخ إسرائيل، وما إذا كانت هناك إخفاقات أو تقصير في حماية المحتجزين أو إدارة صفقة تبادلية سريعة.
الاتهامات الموجّهة لقيادة الجيش والحكومة:
اتهمت العائلات القيادة العسكرية بعدم إيلاء أولوية كافية لجهود إعادة المحتجزين، واعتبرت أن إطالة أمد العمليات وانخراط القوات في هجمات واسعة في مناطق الاحتجاز قد أسفر عن سقوط جنوب الرهائن ضحايا.
كما حمّلت بعض العائلات الحكومة، واتهمت قادتها السياسيين باستغلال الملف لأغراض حزبية، فيما ترى أطراف أخرى أن قيادة الجيش اتخذت قرارات أدّت إلى نتائج مأساوية داخل مواقع الأسر.
حجم التحركات الاحتجاجية وردود الفعل:
شهدت الساحات العامة تجمعات ومظاهرات واسعة شارك فيها عشرات الآلاف في تل أبيب والقدس وحيفا ومفارق طرق عدة، رفع خلالها المتظاهرون لافتات تطالب بتحقيق مستقل ومعرفة الحقيقة حول مصير المحتجزين، هذه التحركات تقوي موقف التيارات الداعية إلى مساءلة الحكومة والجيش، وتزيد الضغوط السياسية أمام إدارة نتنياهو التي تفضّل لجنة برلمانية أو حكومية بحسب منتقدين يعتبرون ذلك أقل قدرة على ضمان الاستقلالية.
أبعاد إنسانية وقانونية:
تحتوي المطالب على بعد إنساني قوي: معرفة مصير جثامين ومحاولة ضمان إعادة ما تبقّى من جثامين المحتجزين، بالإضافة إلى التعرّض لآثار نفسية واجتماعية واسعة على العائلات والمجتمع. من الناحية القانونية، يفتح مطلب لجنة يقودها قاضٍ نقاشاً حول صلاحيات التحقيق، آليات الوصول إلى المعلومات السرية العسكرية، وحدود الشفافية المتاحة أمام جمهور ينتظر إجابات واضحة.
تداعيات سياسية واستراتيجية:
اتهام الجيش، ولو من قطاعات محددة من العائلات، يمثل تصعيدا سياسياً يضع مؤسسات الدولة في مواجهة فقدان ثقة قد يمتد إلى قطاعات أوسع، أي تحقيق مستقل قد يترتب عليه توصيات تتعلق بقيادة عسكرية أو سياسات تفاوضية، وهو ما يجعل القضية ذات حساسية شديدة في السياق الأمني والسياسي في إسرائيل.
تحوّل موقف عائلات الرهائن من توجيه اتهامات إلى القيادة السياسية وحدها، إلى شمول الاتهام للقيادة العسكرية، يمثل منعطفاً جديداً في المشهد الداخلي الإسرائيلي، المسألة الآن باتت في ميدان المضيّ نحو آلية تحقيق مقبولة من الجمهور أم في مواجهة مع محاولات تسيِيس الملف، مهما اتّجهت الأمور، فإن ثمن الغياب عن الإجابات واضح: مزيد من الانقسام الداخلي وتزايد المطالب الإنسانية بإنصاف العائلات ومعرفة الحقيقة.