تصاعدت المخاوف في قطاع غزة بعد إعلان جهاز أمن المقاومة عن اكتشاف عبوات مموهة داخل علب معدنية تشبه الأغذية المحفوظة، تحتوي على مواد شديدة الانفجار.
هذا التحذير الذي وُصف بـ"الطارئ"، فتح نقاشاً واسعاً حول أساليب الحرب غير التقليدية التي تشهدها مناطق المواجهة في القطاع منذ بداية العدوان الإسرائيلي.
أوضح الجهاز في بيان رسمي عبر منصة "الحارس" أن العلب تم تصميمها بطريقة دقيقة تُظهرها كمنتجات استهلاكية عادية من المعلبات الغذائية، لكنها في حقيقتها معدة لتفجير فوري عند الفتح أو اللمس. العلب المعدنية تحمل أغطية مزودة بمفاتيح دوران كتلك المستخدمة في العلب التجارية، ما يجعل من الصعب على المدنيين اكتشاف الخطر الكامن بداخلها.
أفادت المعطيات الأمنية بأن هذه العلب ظهرت في مناطق شهدت انسحابًا مؤقتًا لقوات الاحتلال، الأمر الذي يثير الشكوك حول مصدرها وطبيعة استخدامها، في ظل سوابق مشابهة جرى فيها زرع أجسام مموهة لاستهداف المدنيين أو طواقم الإسعاف والبحث.
وحسب البيان، جرى رصد عدد من هذه العلب في أحياء متفرقة شرق مدينة غزة، وفي مناطق تعرضت لقصف عنيف خلال الأسابيع الأخيرة وأكّد الجهاز أن وحدات الهندسة الميدانية تتعامل مع الأجسام المشبوهة بحذر بالغ، وقد تمكنت من تفكيك بعضها بأمان.
في تحذيره العلني، دعا "أمن المقاومة" السكان إلى عدم لمس أو نقل أي علبة معدنية مجهولة المصدر، حتى وإن بدت مألوفة في الشكل أو الاستخدام، مع ضرورة إخلاء المكان فوراً والتبليغ عبر القنوات الأمنية المحلية كما نبّه إلى خطورة تصوير مثل هذه الأجسام أو نشر صورها على وسائل التواصل، لما في ذلك من خطر استهداف مباشر للمواقع من قبل الطائرات الاستطلاعية الإسرائيلية.
هذا النوع من الفخاخ استخدم سابقاً في مناطق الصراع، ويُعرف بـ"العبوات المغلفة"، حيث تُموَّه المتفجرات داخل أشياء يومية كالألعاب أو الأدوات المنزلية أو علب الطعام بهدف الإيقاع بأكبر عدد ممكن من الضحايا.
في المقابل، يرى خبراء أمنيون أن انتشار الفخاخ يعكس تحولاً خطيراً في تكتيكات الحرب النفسية واللوجستية، إذ تُستخدم هذه الوسائل ليس فقط للقتل، بل أيضاً لبثّ الرعب بين المدنيين وشلّ الحركة في المناطق التي ما تزال تقاوم الاحتلال، ويضيف هؤلاء أن مواجهة مثل هذه التهديدات تتطلّب حملات توعية مكثّفة في المدارس والمراكز المجتمعية لتعليم السكان كيفية التصرّف عند اكتشاف جسم مشبوه.
تواصل الجهات الأمنية في غزة عمليات تمشيط مكثّفة لمواقع القصف القديمة، وسط تعاون من الأهالي الذين سارعوا للإبلاغ عن أجسام غريبة في منازل مهدّمة أو أراضٍ زراعية مجاورة.
واختُتم البيان الأمني بدعوة المواطنين إلى اليقظة والمسؤولية الجماعية، مؤكداً أن الحفاظ على الأرواح في هذه المرحلة الحساسة "واجب وطني وإنساني"، وأن مقاومة الاحتلال لا تتوقف عند خطوط المواجهة العسكرية فقط، بل تشمل حماية المدنيين من أدوات الموت الخفية التي تُركت خلفها.