في حادثة غير مسبوقة داخل الحرم الجامعي السوري، أعلنت وزارة الداخلية عن إلقاء القبض على ثلاثة مسلحين نفذوا اعتداءً داخل كلية الآداب بجامعة دمشق، ما أثار صدمة في الأوساط الأكاديمية والشعبية. تأتي الحادثة في ظل تصاعد المخاوف من تزايد مظاهر العنف المجتمعي، وانتشار السلاح خارج الإطار القانوني في العاصمة السورية.
أوضحت وزارة الداخلية السورية في بيان رسمي أن فرع المباحث الجنائية في دمشق تلقى بلاغاً عن اعتداء مسلح استهدف مكتب عميد كلية الآداب، وشمل عدداً من أعضاء الكادر التدريسي.
وبحسب البيان، فإن التحقيقات الأولية كشفت أن المعتدين الثلاثة — الذين تم القبض عليهم خلال ساعات — أقرّوا بارتكاب الجريمة، مشيرين إلى أن الدافع وراء الاعتداء يعود إلى خلاف شخصي متعلق برسالة دكتوراه تخص شقيقتهم التي تدرس في الكلية.
ووفق المعلومات الرسمية، فإن المسلحين هددوا الموجودين داخل المكتب بالسلاح، ما تسبب بحالة من الذعر بين الطلاب والموظفين، قبل أن تتدخل الأجهزة الأمنية لاحتواء الموقف.
الداخلية وصفت الحادثة بأنها "انتهاك صارخ للقوانين والأنظمة داخل الحرم الجامعي"، مؤكدة أن الأوراق التحقيقية جُهزت وفق الأصول القانونية، وأن الموقوفين أُحيلوا إلى المحامي العام بدمشق لاستكمال الإجراءات القضائية.
الحادثة لاقت استنكاراً واسعاً في الأوساط الجامعية، حيث أكد عدد من الأساتذة أن الاعتداء على مؤسسة تعليمية يمثل مساساً بهيبة الدولة، ويعكس خطورة تفشي السلاح الفردي في المجتمع السوري بعد سنوات من الحرب.
من جانبها، شددت وزارة التعليم العالي على أن الجامعات خط أحمر، وأن أي مساس بحرمتها سيُقابل بإجراءات صارمة، داعية إلى تأمين الحرم الجامعي وتعزيز الرقابة الأمنية على مداخله.
كما طالب اتحاد الطلبة بـ"محاسبة كل من تسوّل له نفسه تحويل المؤسسات التعليمية إلى ساحات لتصفية الحسابات الشخصية"، معتبراً أن الحادثة "جرس إنذار يستدعي معالجة عاجلة لظاهرة انتشار السلاح غير المرخص".
تأتي الحادثة في وقت تشهد فيه سوريا زيادة في الحوادث ذات الطابع الفردي أو العائلي المسلح، نتيجة تراكمات الحرب، وضعف الضبط الأمني في بعض المناطق، وانتشار السلاح بين المدنيين.
الاعتداء في جامعة دمشق — وهي أقدم وأكبر مؤسسة تعليمية في البلاد — يمثل تحولاً مقلقاً في نمط الجرائم التي لم تعد تقتصر على الأحياء السكنية أو الخلافات العائلية، بل امتدت إلى المؤسسات الأكاديمية التي كانت تقليدياً بمنأى عن العنف المباشر.
تؤكد وزارة الداخلية السورية أن الحادثة ستُعامل على أنها جريمة جنائية مشددة العقوبة، لكن الأوساط القانونية ترى أن المعالجة الأمنية وحدها لا تكفي. فالمطلوب — برأي خبراء — هو خطة وطنية شاملة لضبط السلاح الفردي، واستعادة مفهوم الأمن المجتمعي داخل المؤسسات المدنية.
يبقى السؤال المطروح: هل تمثل حادثة جامعة دمشق مؤشراً على ظاهرة متصاعدة تستوجب تحركاً أمنياً وقانونياً عاجلاً، أم أنها واقعة فردية سرعان ما سيطويها التحقيق والقضاء؟
في الحالتين، يبدو أن الجامعة السورية تواجه تحدياً جديداً يتجاوز أسوارها الأكاديمية، ليمس مباشرة صورة التعليم والأمان في البلاد.