بين الأهرامات والتكنولوجيا: كيف تراهن القاهرة على المتحف الكبير كأداة للقوة الناعمة؟

2025.10.25 - 04:55
Facebook Share
طباعة

 بينما تتجه أنظار العالم إلى الجيزة مطلع نوفمبر المقبل، تستعد مصر لافتتاح المتحف المصري الكبير، أكبر متحف أثري في العالم، في حدثٍ يصفه مراقبون بأنه ليس مجرد فعالية ثقافية، بل رسالة سياسية وحضارية تعكس طموح الدولة المصرية في إعادة ترسيخ مكانتها كقوة ثقافية عالمية.

 


خلال اجتماع رفيع المستوى ضم رئيس الوزراء مصطفى مدبولي ووزير السياحة والآثار شريف فتحي، والمشرف العام على حفل الافتتاح محمد السعدي، شدد الرئيس عبد الفتاح السيسي على أن “حفل الافتتاح يجب أن يعكس ريادة مصر الثقافية عالمياً، وأن يكون بحجم الإنجاز الذي تحقق في هذا الصرح الفريد”.
وأكد الرئيس على أهمية تنسيق الجهود بين مؤسسات الدولة المختلفة لضمان تنظيم احتفالية تليق باسم مصر وتاريخها الممتد عبر آلاف السنين.

ويأتي هذا التوجيه في سياق رؤية أشمل تسعى من خلالها القاهرة إلى توظيف تراثها الثقافي كأداة من أدوات "القوة الناعمة"، في وقت يشهد فيه العالم تنافساً متزايداً حول إدارة وتقديم الموروث الحضاري.

وفق ما أعلنته وزارة السياحة والآثار، يجري التنسيق بين الوزارات والهيئات المعنية لاستكمال التحضيرات اللوجستية والفنية الخاصة بالحفل، الذي من المتوقع أن يشهد حضوراً دولياً واسعاً، إلى جانب شخصيات فنية وثقافية بارزة.

وفي موازاة ذلك، تواصل محافظة الجيزة أعمال تطوير وتجميل المحاور والطرق المؤدية إلى المتحف، بينما تعمل محافظة القاهرة على رفع كفاءة طريق مطار القاهرة استعداداً لاستقبال ضيوف الافتتاح، ما يعكس البعد اللوجستي والتنظيمي الهائل المصاحب لهذا الحدث.

 

صرح حضاري فريد:

يُعد المتحف المصري الكبير أكبر مشروع ثقافي في الشرق الأوسط، ويمثل نموذجاً معمارياً يجمع بين الحداثة والتاريخ، إذ يقع على مقربة من أهرامات الجيزة، ويضم أكثر من مائة ألف قطعة أثرية نادرة، من أبرزها المجموعة الكاملة للملك توت عنخ آمون، التي تُعرض لأول مرة كاملة في مكان واحد.

ويشكل المتحف امتداداً لجهود الدولة في حماية التراث وإعادة تقديم التاريخ المصري برؤية معاصرة، قادرة على جذب السياحة الثقافية ودعم الاقتصاد الوطني.

 


فكرة إنشاء المتحف المصري الكبير تعود إلى مطلع الألفية، حين بدأت مصر في وضع رؤية لتأسيس مشروع ثقافي ضخم يواكب المعايير العالمية. وقد استغرق المشروع أكثر من عقدين من العمل، بتمويل ودعم دوليين، حتى بات اليوم أحد أكبر المؤسسات المتحفية في العالم من حيث المساحة والمحتوى.

ويأتي افتتاح المتحف في لحظة رمزية تعكس التحولات الكبرى التي تشهدها الدولة المصرية، ليس فقط في البنية التحتية والمشروعات التنموية، بل أيضاً في إعادة صياغة صورتها أمام العالم كدولةٍ تجمع بين الأصالة والتحديث.

 


مع اقتراب موعد الافتتاح في الأول من نوفمبر، يبدو أن مصر لا تفتتح متحفاً فحسب، بل تُعيد فتح صفحة جديدة من تاريخها الثقافي الممتد منذ آلاف السنين.
المتحف المصري الكبير ليس مجرد صرح أثري، بل رسالة إلى العالم بأن القاهرة ما زالت تحتفظ بمفتاح الحضارة، وتستخدمه اليوم لفتح أبواب المستقبل.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 4