في تصريح لافت، كشف وزير الطاقة الإسرائيلي إيلي كوهين عن ملامح مشروع ضخم لإنشاء ممر طاقة يربط السعودية بإسرائيل، في خطوة يُنظر إليها كجزء من مفاوضات محتملة للتطبيع بين الجانبين. ويأتي هذا الطرح في لحظة دقيقة تشهد فيها المنطقة تداخلاً بين المصالح الاقتصادية والتحولات الجيوسياسية، وسط تنافس محموم على طرق الطاقة ومساراتها الآمنة.
قال كوهين في مقابلة مع صحيفة معاريف العبرية إن الممر المزمع سيتيح نقل الطاقة بين السعودية وإسرائيل دون الحاجة لاستخدام الأراضي الإيرانية أو المرور عبر قناة السويس، ما يقلل من التكاليف ويزيد من كفاءة التوريد.
وأوضح الوزير أن المشروع سيمنح الرياض منفذاً أسرع نحو الأسواق الأوروبية، بينما تستفيد تل أبيب من تعزيز موقعها كمحور إقليمي للطاقة في الشرق الأوسط.
ويبدو أن إسرائيل تسعى من خلال هذا المشروع إلى استثمار التحولات الإقليمية في مجال الطاقة، خاصة بعد توقيع "اتفاقيات أبراهام"، لتعزيز حضورها في مشاريع البنية التحتية المشتركة، وربط الاقتصاد الإسرائيلي بدول الخليج عبر مسارات استراتيجية بديلة عن تلك التي تسيطر عليها إيران أو تمر عبر الأراضي المصرية.
الطاقة المتجددة ورؤية إسرائيل لعام 2030
لم يكتف كوهين بالحديث عن ممر الطاقة، بل استعرض ما وصفه بـ"التحول الأخضر" في قطاع الطاقة الإسرائيلي، مؤكداً أن بلاده في طريقها لتوليد 30% من الكهرباء من مصادر متجددة بحلول عام 2030.
وأشار إلى خطط لتركيب مئة ألف نظام للطاقة الشمسية على أسطح المنازل والملاعب والمنشآت العامة، إضافة إلى مشاريع ضخمة في منطقة غور الأردن، بما يعزز استقلال إسرائيل الطاقي ويخفض اعتمادها على الوقود الأحفوري.
الغاز.. ثروة استراتيجية وعلاقة إقليمية
وصف الوزير الغاز الطبيعي بأنه "مورد استراتيجي" يدرّ عشرات المليارات سنوياً على خزينة الدولة، مؤكداً أن الاحتياطات تكفي لثلاثة عقود على الأقل.
ولفت إلى أن صادرات الغاز إلى مصر والأردن لا تحمل بعداً اقتصادياً فحسب، بل تمثل ـ بحسب وصفه ـ "جسور تعاون واستقرار إقليمي"، إذ تسهم في تعزيز العملة المحلية ودعم إنشاء صندوق ثروة سيادي للأجيال القادمة.
لكنّ مراقبين يرون أن هذه السياسة تخدم هدفاً سياسياً أوسع: ترسيخ الدور الإسرائيلي في منظومة الطاقة الإقليمية كطرف لا غنى عنه، في وقت تتراجع فيه مكانة بعض اللاعبين التقليديين، وتشتد المنافسة على مسارات الإمداد.
يأتي الحديث عن "ممر الطاقة السعودي–الإسرائيلي" في سياق سلسلة من التحركات الهادئة التي تستهدف إعادة تفعيل مسار التطبيع بين تل أبيب والرياض، بعد أن عرقلت الحرب على غزة هذا المسار منذ أكتوبر 2023.
ويرى محللون أن المشروع المقترح لا يهدف فقط إلى التعاون الاقتصادي، بل إلى إعادة هندسة خريطة التحالفات في المنطقة، عبر ربط الخليج بالبحر المتوسط في محور طاقوي جديد، بعيد عن قناة السويس وإيران، ما يضع مصر وطهران أمام معادلة جيوسياسية جديدة قد تغيّر موازين القوة في شرق المتوسط.