مصر تتهم إثيوبيا بتعمد إحداث "فيضان صناعي"

2025.10.25 - 03:37
Facebook Share
طباعة

اتهمت القاهرة أديس أبابا بإطلاق ما وصفته بـ"الفيضان الصناعي" من سد النهضة، ما أدى إلى أضرار جسيمة في السودان وارتفاع منسوب مياه النيل داخل الأراضي المصرية، في خطوة اعتبرتها مصر "عبثًا مائيًا" يكشف عن سوء إدارة السد وغياب التنسيق مع دول المصب.

التصريحات الجديدة لوزير الري المصري هاني سويلم جاءت لتفتح فصلاً جديدًا من التوتر في ملف السد الذي يشهد جمودًا سياسياً منذ فشل المفاوضات الأخيرة.

 


قال وزير الري والموارد المائية المصري، هاني سويلم، إن إثيوبيا تتعامل مع سد النهضة بشكل "منفرد وغير منضبط"، مشيرًا إلى أن الطريقة التي أدارت بها المياه خلال الأسابيع الماضية تسببت في "فيضان صناعي" ألحق خسائر واسعة في السودان، ورفع مناسيب المياه داخل مصر على نحو غير معتاد.

وأوضح سويلم أن فيضان النيل الطبيعي يحدث عادة في شهر أغسطس، لتبدأ عقبها الدورة الزراعية في سبتمبر، إلا أن هذا العام شهد اضطرابًا كبيرًا بسبب تصرفات إثيوبيا، التي احتجزت كميات ضخمة من المياه حتى وصلت إلى قمة السد، بهدف "التقاط لقطة إعلامية" خلال افتتاح السد رسميًا في 9 سبتمبر 2025.
وأضاف الوزير أن إثيوبيا وجدت نفسها بعد الافتتاح أمام خطر داهم، لأن مفيض الطوارئ في السد ليس مخصصًا للاستخدام الدائم، فاضطرت إلى تصريف كميات هائلة من المياه في نهاية سبتمبر، مما أدى إلى تدفقات مفاجئة أغرقت مساحات زراعية واسعة في السودان.

وأشار سويلم إلى أن تلك التصرفات غير المسؤولة كادت أن تتسبب في كارثة حقيقية لسد الروصيرص السوداني، وسببت خسائر فادحة للمزارعين الذين بدأوا موسم الزراعة بعد انتهاء الفيضان الطبيعي، قبل أن تفاجئهم موجات المياه الجديدة.

وأكد الوزير أن ما حدث يناقض تمامًا ما كانت تدعيه إثيوبيا طوال السنوات الماضية من أن سد النهضة سيُنظّم تدفق المياه ويمنع الفيضانات، قائلًا: "ما حدث ليس فيضانًا طبيعيًا بل فيضان مفتعل صنعته إدارة غير مسؤولة لسد غير شرعي."

وكشف سويلم أن مصر تابعت الموقف بدقة، وقامت بتصريف كميات من مياه السد العالي استعدادًا لموجات المياه المفاجئة القادمة من إثيوبيا، وهو ما ساعد في امتصاص جزء من الأزمة رغم ارتفاع منسوب المياه في بعض المناطق داخل البلاد.

 


تأتي هذه التصريحات في وقت تتزايد فيه مؤشرات التصعيد بين القاهرة وأديس أبابا، خصوصًا بعد افتتاح إثيوبيا لسد النهضة بشكل أحادي دون اتفاق قانوني ملزم بشأن قواعد الملء والتشغيل، رغم التحذيرات المصرية والسودانية المتكررة.
ويُنظر إلى ما وصفته مصر بـ"الفيضان الصناعي" على أنه دليل جديد على فقدان إثيوبيا السيطرة الفنية على السد، أو استخدامه كأداة سياسية لإظهار الإنجاز أمام الداخل الإثيوبي على حساب أمن دول المصب.

هذا التطور قد يدفع القاهرة إلى تصعيد دبلوماسي جديد، وربما اللجوء مجددًا إلى مجلس الأمن الدولي، خاصة مع تكرار الأضرار على السودان، الذي أصبح طرفًا متضررًا بصورة مباشرة من الإجراءات الإثيوبية الأخيرة.

في المقابل، تواصل أديس أبابا التأكيد على "حقها السيادي" في إدارة مواردها المائية، رافضة أي تدخل في سياساتها المائية، بينما تعتبر القاهرة أن ما يحدث تجاوزٌ لكل الأعراف الدولية الخاصة بالمجاري المائية المشتركة، وتهديد مباشر للأمن المائي والغذائي المصري والسوداني.

 


بين اتهامات مصر وتحفظات إثيوبيا، يبدو أن ملف سد النهضة يدخل مرحلة جديدة من التعقيد. فبينما تتحدث أديس أبابا عن "نجاح هندسي"، تصف القاهرة ما يجري بأنه "مقامرة مائية خطيرة" قد تدفع المنطقة إلى أزمة أعمق إذا استمر غياب التنسيق والإشراف الدولي على إدارة السد.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 2 + 8