اتصال غيّر مسار التاريخ.. كيف أنقذ أبو عبيدة صفقة شاليط من الانهيار؟

2025.10.25 - 11:35
Facebook Share
طباعة

في شهادة نادرة، كشف وكيل جهاز المخابرات العامة المصرية السابق، اللواء محمد إبراهيم الدويري، عن تفاصيل غير معلنة من كواليس واحدة من أعقد المفاوضات التي شهدتها القاهرة بين إسرائيل وحركة حماس، والتي انتهت بإتمام "صفقة شاليط" عام 2011. إلا أن ما لم يُروَ من قبل هو الدور الحاسم الذي لعبه اتصال هاتفي غامض في قلب الليل، غيّر مسار التفاوض وفرض تهدئة فورية على الأرض.


الدويري، الذي كان مكلفًا بملف الوساطة المصرية في غزة، روى في مقابلة تلفزيونية عبر قناة القاهرة الإخبارية، أنه تلقى في الثالثة فجراً مكالمة من شخص تحدث بلهجة حادة دون أي مقدمات، قائلاً:
“اسمع اللي بقولك عليه، بلغ الإسرائيليين: إذا استمر قصف وتدمير المنازل الفلسطينية، سيتم التفاوض على جثة وليس على أسير حي... مع السلامة.”

 

يقول الدويري إنه أدرك فوراً خطورة الموقف، ورجّح أن المتحدث هو أبو عبيدة، المتحدث العسكري باسم كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس. وأضاف أنه سارع إلى إبلاغ الجانب الإسرائيلي بالرسالة، مؤكداً أنها “جادة للغاية”، وأن استمرار القصف سيؤدي إلى فقدان الأمل في أي اتفاق.

وبحسب روايته، فقد نقلت القاهرة الرسالة رسمياً إلى وزارة الدفاع الإسرائيلية ورئاسة الوزراء، مما أسفر عن وقف فوري للغارات في اليوم التالي، وفرض هدنة ميدانية تحت ضغط مصري مباشر. وأوضح أن الحادثة جرت عام 2006، خلال مرحلة ما قبل التوصل إلى الصفقة النهائية.

الدويري كشف أيضاً عن تفاصيل تتعلق بالوساطة الألمانية التي دخلت على خط المفاوضات لاحقاً، مشيراً إلى أن برلين حاولت لعب دور بديل بعدما لاحظت تل أبيب أن الوفد المصري يتعامل بإنصاف مع الملف الفلسطيني.
وقال: “لم نرفض الوساطة الألمانية، بل رحبنا بها، لكنها لم تحقق اختراقاً حقيقياً، إذ كانت إسرائيل تميل لها أملاً في تحييد الموقف المصري.”

وبيّن أن الوسيط الألماني كان ضابط مخابرات سابق له خبرة بالملف العربي، وسبق أن شارك في مفاوضات بين إسرائيل وحزب الله. زار القاهرة حينها والتقى الوزير الراحل عمر سليمان، مؤكداً أنه سيبني على ما أنجزته القاهرة بدلاً من البدء من نقطة الصفر.

ورغم الجهود المشتركة، لم تصل الوساطة الألمانية إلى نتيجة نهائية. ومع ذلك، تحقق إنجاز جزئي مهم تمثل في الإفراج عن 20 أسيرة فلسطينية مقابل شريط فيديو يثبت أن جلعاد شاليط لا يزال على قيد الحياة، وهو ما اعتبره الدويري “نجاحاً مشتركاً بين القاهرة وبرلين.”

وأكد الدويري أن حماس كانت مقتنعة بأن الوساطة المصرية هي الطريق الوحيد لإنجاز الصفقة، وأن إسرائيل – رغم تغيّر قياداتها بين أولمرت ونتنياهو – أدركت أن لا سبيل للتفاهم إلا عبر مصر.


صفقة شاليط، التي أُبرمت في أكتوبر 2011، أسفرت عن إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط مقابل 1027 أسيراً فلسطينياً، في واحدة من أكبر عمليات التبادل في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
لكن ما تكشفه شهادة الدويري اليوم، بعد مرور أكثر من عقد على تلك الأحداث، يعيد تسليط الضوء على الدور المصري الخفي والحاسم في إدارة خطوط التفاوض بين أطراف متصارعة، ويكشف أن مكالمة واحدة، في لحظة توتر قصوى، قد تكون كفيلة بتغيير مجرى التاريخ.
 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 9