مع اقتراب الموعد المنتظر لافتتاح المتحف المصري الكبير في مطلع نوفمبر المقبل، دخلت محافظة الجيزة في حالة استنفار ثقافي وتنظيمي، استعداداً لهذا الحدث الذي يُعد الأضخم في تاريخ المتاحف الأثرية الحديثة.
وفي خطوة تعكس رغبة الدولة في إشراك المواطنين بالاحتفال، أعلن محافظ الجيزة عادل النجار عن تركيب شاشات عرض عملاقة في الميادين الحيوية لتمكين المصريين من متابعة الافتتاح لحظة بلحظة في أجواء وطنية احتفالية.
شاشات عملاقة في قلب العاصمة الأثرية
بحسب ما أعلنه المحافظ، جرى توزيع الشاشات في عدد من الميادين الكبرى، منها ميدان مصطفى محمود بالعجوزة، ميدان الجلاء بالدقي، وأمام جامعة القاهرة، وأرض المطاحن بشارع فيصل، وميدان الكيت كات بإمبابة، وميدان النافورة بطريق المريوطية، إلى جانب مواقع أخرى في البدرشين، أوسيم، كرداسة، أبو النمرس، والحوامدية.
وسيتضمن البث المباشر للحدث الفعاليات الرسمية للافتتاح إلى جانب أفلام ترويجية ووثائقية تعرف الجمهور بتاريخ المتحف ومكانته في المشهد الثقافي العالمي، إلى جانب مشاهد احتفالية تسلط الضوء على عظمة الحضارة المصرية القديمة ودورها في تشكيل الهوية الوطنية.
تنسيق شامل وضمان لصورة "تليق بمصر"
أكد المحافظ أن المحافظة تعمل بالتنسيق مع الجهات المعنية، لضمان سير عملية البث بسلاسة عبر فرق فنية ميدانية لمتابعة الشاشات والتعامل مع أي أعطال طارئة.
وأشار إلى أن الهدف من هذه المبادرة هو "مشاركة أبناء الجيزة فرحتهم بالحدث العالمي في أجواء وطنية مبهجة"، مشدداً على أن افتتاح المتحف المصري الكبير يمثل "رسالة حضارية من مصر إلى العالم" تجسد توازنها بين الأصالة والتطور.
المتحف المصري الكبير.. "أعجوبة على بوابة الأهرامات"
يقع المتحف المصري الكبير على مقربة من هضبة الأهرامات، ويُعد أكبر متحف أثري في العالم مخصص للحضارة المصرية القديمة.
المتحف، الذي صُمّم بطراز معماري حديث يجمع بين الحداثة والتاريخ، سيضم أكثر من 100 ألف قطعة أثرية نادرة، من أبرزها كنوز الملك توت عنخ آمون التي تُعرض كاملة لأول مرة في مكان واحد منذ اكتشافها قبل قرن من الزمان.
وتُشرف على المشروع وزارة السياحة والآثار المصرية، التي أعلنت إغلاق المتحف مؤقتاً من 15 أكتوبر إلى 4 نوفمبر لاستكمال اللمسات النهائية تمهيداً للافتتاح الرسمي يوم 1 نوفمبر 2025.
حدث ثقافي عالمي بامتياز
يُتوقع أن يشهد الافتتاح حضوراً دولياً رفيع المستوى، إلى جانب تغطية إعلامية عالمية مكثفة، بالنظر إلى رمزية المتحف كأيقونة جديدة في الدبلوماسية الثقافية المصرية، وكونه أحد المشاريع القومية الكبرى التي تعكس رؤية الدولة المصرية في تحويل الثقافة والتراث إلى قوة ناعمة مؤثرة على الساحة الدولية.
ويقول خبراء إن افتتاح المتحف المصري الكبير سيُعيد رسم خريطة السياحة الثقافية في المنطقة، حيث يُتوقع أن يصبح مركز جذب عالمي يربط بين التاريخ المصري القديم والتقنيات الحديثة في العرض والإبهار البصري.
يأتي افتتاح المتحف المصري الكبير في لحظة فارقة، تمثل تتويجاً لعقود من العمل في مشروع يُجسّد روح مصر الحضارية وقدرتها على المزج بين التاريخ والمستقبل.
وفي وقتٍ يشهد فيه العالم اضطرابات سياسية واقتصادية، تقدم القاهرة نفسها عبر هذا الصرح كـ عاصمة للثقافة الإنسانية ونافذة مفتوحة على تاريخ البشرية، في رسالة واضحة مفادها أن الحضارة المصرية لا تزال تتحدث بلغتها الخالدة... لغة الضوء والحجر والخلود.