الجيش الإسرائيلي يعلن إتمام تمرين مكثف على الحدود اللبنانية وسط تصاعد الغارات

2025.10.24 - 03:37
Facebook Share
طباعة

بينما كانت الصواريخ الإسرائيلية تستهدف الجنوب اللبناني والبقاع في تصعيد متكرر، أعلن الجيش الإسرائيلي استكمال تمرين عسكري “واسع ومكثف” على طول الحدود مع لبنان.
ورغم أنه وُصف بأنه تدريب “دفاعي”، إلا أن توقيته — بعد عام تقريباً من اتفاق وقف إطلاق النار مع حزب الله — يعكس تحولاً أعمق في التفكير العسكري الإسرائيلي، يقوم على الجمع بين الجاهزية الهجومية والاستعداد الدفاعي ضمن عقيدة “الردع الوقائي”.

 


الجاهزية القصوى: اختبار للسيناريو الأسوأ

التمرين الذي قادته الفرقة 91 ومركز التدريب الأرضي الوطني استمر خمسة أيام، وشارك فيه سلاح الجو والبحرية ووحدات اللوجستيات والإسناد الطبي والتقني، في محاكاة شاملة لـ"الانتقال السريع من الدفاع إلى الهجوم".
وقال الجيش الإسرائيلي إن الهدف هو “تعزيز الاستجابة السريعة للحوادث الطارئة” وتعبئة قوات الاحتياط في حال اندلاع مواجهة شاملة، مع تطبيق الدروس المستفادة من “عامين من القتال المتعدد الساحات” — في إشارة إلى المعارك مع غزة، واشتباكات الشمال، والهجمات في البحر الأحمر.

تؤكد مصادر عسكرية إسرائيلية أن المناورة ركزت على تنسيق القوات البرية مع الجوية والبحرية، وعلى تطوير منظومات الإخلاء والاتصال في ظل القتال المفتوح، خصوصاً بعد الثغرات التي كشفتها الحرب في غزة.

 


رسائل في التوقيت: مناورة بين الغارات

لم يكن اختيار توقيت التمرين منفصلاً عن التصعيد الميداني.
ففي اليوم ذاته، شنت إسرائيل غارات مكثفة على البقاع والجنوب والشمال، أسفرت عن مقتل عنصرين من حزب الله وفق وزارة الصحة اللبنانية. وأكد مسؤول عسكري إسرائيلي لقناة “العربية/الحدث” أن الهدف من العمليات هو منع الحزب من إعادة بناء بنيته العسكرية، مشيراً إلى أن تل أبيب “هاجمت أكثر من 300 عنصر منذ اتفاق وقف النار في نوفمبر 2024”.

هذه الأرقام تضع علامات استفهام حول مدى التزام إسرائيل باتفاق الليطاني، الذي نص على انسحابها الكامل من الأراضي اللبنانية المتوغلة، مقابل تراجع حزب الله شمال النهر وتفكيك بنيته العسكرية.
لكن الواقع الميداني يشير إلى استمرار الغارات وتحليق المسيرات، وإبقاء الجيش الإسرائيلي على تموضعه في خمس تلال استراتيجية جنوباً.

 

لبنان الرسمي بين الالتزام والعجز

في المقابل، حاولت الحكومة اللبنانية خلال الأشهر الماضية تفعيل قرارها الصادر في أغسطس بحصر السلاح بيد الدولة وتوسيع انتشار الجيش جنوباً، لكن مصادر دبلوماسية غربية ترى أن القرار “رمزي أكثر منه عملي”، في ظل استمرار حزب الله في ممارسة نفوذ ميداني مباشر، خصوصاً في القرى المتاخمة للحدود.

ويعني ذلك أن المنطقة بين الليطاني والحدود الإسرائيلية ما زالت منطقة رمادية لا تخضع لسيطرة كاملة لأي طرف، وهو ما يمنح تل أبيب مبرراً لاستمرار عملياتها تحت عنوان “الدفاع الوقائي”.


نحو عقيدة “الردع الدائم”

يرى مراقبون أن الجيش الإسرائيلي يستخدم هذه المناورات كاختبار لعقيدة جديدة بعد إخفاقات سابقة، تعتمد على مبدأ “الجاهزية المستدامة” في مواجهة ما تسميه إسرائيل “تهديدات الجبهة الشمالية”.
وبحسب تقديرات أمنية إسرائيلية، فإن التحدي ليس في اندلاع الحرب بقدر ما هو في منع المفاجأة — أي أن التمرين يهدف لتقليص الفجوة الزمنية بين الإنذار المبكر والرد العسكري.

في المقابل، يعتبر محللون لبنانيون أن التمرين جزء من “معركة نفسية مستمرة”، تسعى فيها إسرائيل لإعادة تثبيت معادلة الردع بعد تراجع هيبتها خلال حرب غزة، في حين يرد حزب الله بتموضع ميداني محسوب لتفادي الحرب الشاملة مع الاحتفاظ بخطوط النار مفتوحة.


هدنة هشة وحدود ملتهبة

عامٌ على اتفاق نوفمبر لم يكن كافياً لتبريد الجبهة الشمالية.
الجيش الإسرائيلي يتدرب على الحرب، وحزب الله يستعد لها دون إعلان، فيما يبقى جنوب لبنان ساحة مفتوحة لاختبار توازن الردع أكثر من كونه خط فصلٍ بين دولتين.
وبين المناورات والغارات، تبدو الهدنة أقرب إلى “استراحة تكتيكية” لا إلى سلام دائم — استراحة تُدار بالنار لا بالكلمات.
 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 9