واشنطن تحذر تل أبيب من مغبة فرض السيادة على الضفة الغربية

2025.10.24 - 03:13
Facebook Share
طباعة

في مشهد يعكس حجم التحول في المقاربة الأميركية تجاه الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي، حذّر وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو من أن أي خطوة إسرائيلية لفرض السيادة على الضفة الغربية ستُعد تهديدًا مباشرًا لعملية السلام وتضع مستقبل "اتفاق غزة" والجهود الأميركية الجارية في مهبّ الريح.
وجاءت تصريحات روبيو من مركز التنسيق المدني–العسكري في كريات غات جنوب تل أبيب، في اليوم الثاني لزيارته لإسرائيل ضمن جولته لتقييم تنفيذ المرحلة الثانية من خطة ترامب لغزة، والتي تتضمن إعادة الإعمار ونزع السلاح.

 


الضفة الغربية.. "خط أحمر" في نظر واشنطن

روبيو قال بوضوح إن ضمّ الضفة الغربية لن يمرّ من دون تداعيات إقليمية كبرى، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة نقلت لإسرائيل قلقها العميق من التصعيد السياسي داخل الكنيست حول مشاريع السيادة.
وأضاف أن خطوة كهذه “ستثير قلقًا واسعًا في المنطقة وتهدد عملية السلام برمتها”، مؤكّدًا أن الإدارة الأميركية “لن تسمح بخلط الأوراق بين مسار غزة ومسار الضفة”.

تصريحه هذا يأتي بعد أيام من حديث الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي حذّر بدوره من أن "إسرائيل ستفقد دعم واشنطن إذا أقدمت على ضمّ الضفة الغربية"، في مؤشر على وجود تيار حذر داخل الإدارة الأميركية يسعى لتفادي انفجار سياسي جديد في الضفة ينسف كل ما تحقق في غزة.

 


السلطة الفلسطينية في عين العاصفة

وفي لهجة غير معتادة من مسؤول أميركي بهذا المستوى، أشار روبيو إلى أن واشنطن "عبرت عن مخاوفها من الوضع الحالي للسلطة الفلسطينية"، موضحًا أن بلاده تعمل على ضمان عدم تكرار أخطاء الماضي في إدارة الملف الفلسطيني.
وتشير هذه التصريحات إلى أن الإدارة الأميركية تدرس بجدية سيناريوهات إصلاح السلطة أو إعادة تشكيلها ضمن إطار “الحكومة الفلسطينية التكنوقراطية” التي يجري التفاوض حولها لتتولى الإشراف على غزة في المرحلة المقبلة.

مصادر دبلوماسية عربية تحدثت عن أن واشنطن تفضل بقاء السلطة كغطاء سياسي شكلي، مع إنشاء منظومة أمنية وإدارية مستقلة في غزة بإشراف دولي، ما يعني عمليًا فصلًا ناعمًا بين الضفة والقطاع تحت إشراف أميركي.

 


السلام وفق رؤية روبيو: الأمن أولاً

أكد الوزير الأميركي أن الموقف الرسمي لبلاده لا يزال ثابتًا على دعم حل سلمي يضمن أمن إسرائيل ويمنع التصعيد، مشيرًا إلى أن “الولايات المتحدة تعمل على استقرار الأوضاع تمهيدًا لاستئناف العملية السياسية”.
وقال روبيو إن تحقيق السلام لن يكون ممكنًا “طالما هناك منطقة تشكل تهديدًا لأمن إسرائيل”، في إشارة إلى ضرورة نزع سلاح حماس بشكل كامل قبل أي انتقال سياسي في غزة.

كما شدّد على أن واشنطن لن تسمح بعودة حماس إلى الحكم، وأن الخطة الأميركية الجديدة تهدف إلى خلق سلطة مدنية فلسطينية خالية من الفصائل المسلحة، وهو شرط ينسجم مع مطالب إسرائيل ويثير في المقابل تحفظات عربية واضحة.

 


الاتفاقات الإبراهيمية في خلفية المشهد

روبيو دعا خلال تصريحاته إلى توسيع الاتفاقات الإبراهيمية التي وقّعتها دول عربية مع إسرائيل منذ عام 2020، معتبرًا أن انضمام مزيد من الدول إلى هذه المنظومة “سيعزز مسار السلام الإقليمي”.
وتأتي هذه الدعوة في وقت تسعى فيه واشنطن إلى ربط استقرار غزة بمسار التطبيع الإقليمي، عبر حوافز اقتصادية وسياسية لدول عربية ترى في المشاركة بالاتفاق الجديد فرصة لإعادة التموضع وليس اصطفافًا إلى جانب إسرائيل.


بين صفقة القرن واتفاق غزة

تصريحات روبيو الأخيرة تكشف أن الإدارة الأميركية لا تعود بخطة جديدة بقدر ما تعيد تدوير “صفقة القرن” بثوب إنساني–أمني.
فالمرحلة الأولى من خطة ترامب لوقف النار في غزة منحت إسرائيل ضمانات أمنية واسعة، بينما تسعى المرحلة الثانية إلى تسويق إعادة الإعمار كمدخل للسلام، دون أي التزام واضح بإقامة دولة فلسطينية.
أما الحديث عن "عدم ضم الضفة"، فهو محاولة لحماية الخطة من الانهيار السياسي أكثر من كونه تحولاً استراتيجياً في الموقف الأميركي.
توازن هشّ بين الحليف والوسيط

تحاول واشنطن بقيادة روبيو اليوم أن توازن بين حماية إسرائيل من التهديدات الأمنية وبين منعها من اتخاذ خطوات أحادية تقوض مشروع التسوية الأميركي.
لكن في ظل إصرار تل أبيب على السيطرة الأمنية الكاملة، وتراجع الثقة العربية في النوايا الأميركية، يبدو أن خطة ترامب الجديدة تسير على حافة الخلاف، حيث يكفي إعلان سياسي واحد من الكنيست أو مناورة ميدانية في غزة لتقويض المسار بأكمله.
 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 4 + 5