واشنطن تحدد مسار المرحلة الثانية من خطة ترامب لغزة وسط تحفظات عربية وإسرائيلية

2025.10.24 - 02:09
Facebook Share
طباعة

في خطوة تعكس عودة الولايات المتحدة إلى مركز إدارة الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي وفق رؤية ترامب الجديدة، شرعت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في التحضير لتفعيل المرحلة الثانية من خطة “السلام مقابل الاستقرار”، التي تتألف من 20 بندًا، بعد التوصل إلى تفاهم أولي بين إسرائيل وحركة "حماس" حول المرحلة الأولى المتعلقة بوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.

 

تأسيس مركز تنسيق دولي بإشراف أمريكي:

التحركات الأخيرة في واشنطن شملت إنشاء مركز التنسيق المدني–العسكري (CMCC)، وهو كيان مشترك تشارك فيه كل من بريطانيا، كندا، ألمانيا، الدنمارك، والأردن، مهمته مراقبة تطبيق الهدنة والإشراف على الخطوات الميدانية الأولى في إعادة إعمار غزة بشكل منضبط.
ورغم الإعلان عن الهيكل المبدئي للمركز، إلا أن تفاصيل تفويضه وصلاحياته ما زالت قيد المفاوضات بين الأطراف المشاركة.

 


تحفظات عربية على الرؤية الأمريكية:

الدول العربية الأربع المعنية — مصر، الأردن، الإمارات، والسعودية — أعربت في اجتماعاتها التنسيقية مع واشنطن عن قلق متزايد من هيمنة الرؤية الإسرائيلية على المسار التنفيذي للخطة.
وبحسب مصادر دبلوماسية، ترى هذه الدول أن تركيز الولايات المتحدة على "الترتيبات الأمنية الإسرائيلية" دون بحث مستقبل الحكم الفلسطيني في غزة، يكرّس الوضع القائم ويمنح تل أبيب اليد العليا.

وطالبت العواصم العربية واشنطن بـ:

تشكيل حكومة فلسطينية تكنوقراطية مستقلة تشرف على إدارة القطاع.

نشر قوة استقرار دولية تدريجية لضمان الأمن والانتقال السلمي للسلطة.

إشراك السلطة الفلسطينية في العملية باعتبارها الممثل المعترف به دوليًا.

 


إسرائيل ترفض أي دور للسلطة الفلسطينية:

في المقابل، ترفض الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو منح السلطة الفلسطينية أي صلاحيات في غزة، معتبرة أن الأخيرة "فقدت شرعيتها" وأنها لا تختلف جوهريًا عن حركة حماس.
وأكد نتنياهو في تصريحات مغلقة أن نزع سلاح حماس شرط أساسي لأي انسحاب إسرائيلي كامل من القطاع، وأن إسرائيل لن تسمح بعودة أجهزة أمن السلطة إلى غزة.

مسؤولون إسرائيليون أشاروا أيضًا إلى أن أي “مرحلة سياسية” يجب أن تأتي بعد ضمان السيطرة الأمنية الإسرائيلية الكاملة، وهو ما يتعارض مع المقاربة الأمريكية القائمة على التدرج والانتقال المدني–الدولي.

 

موقف واشنطن: كوشنر في موقع القرار

مصادر عربية كشفت أن جاريد كوشنر، صهر الرئيس ترامب ومستشاره الأبرز لشؤون الشرق الأوسط، يمتلك الكلمة الفصل في توقيت وآليات تنفيذ المرحلة الثانية.
وبينما يواصل كوشنر مشاوراته مع الأطراف الإقليمية، يجري الإعداد لعقد اجتماع حاسم في البيت الأبيض يوم 18 نوفمبر، حيث من المقرر أن يستضيف ترامب ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في لقاء يُتوقع أن يحدد الإطار النهائي للتسويات المقبلة في غزة.

 

"مرحلة ثانية" بين التثبيت والتغيير

تبدو خطة ترامب للسلام في غزة، في مرحلتها الثانية، محاولة لإرساء واقع سياسي جديد دون اتفاق نهائي.
ففي حين تروج واشنطن لفكرة “إدارة مدنية فلسطينية تحت رقابة دولية”، تصر إسرائيل على منع قيام أي كيان سياسي مستقل في القطاع، بينما تسعى الدول العربية لتجنب أن تتحول الخطة إلى غطاء لتكريس الاحتلال بشكل منظم.

ويرى مراقبون أن هذه التحركات قد تفتح الباب أمام صدام دبلوماسي بين واشنطن وتل أبيب، في حال أصرت الإدارة الأمريكية على إشراك السلطة الفلسطينية أو فرض جدول زمني لتسليم الحكم المدني.
أما على الأرض، فإن أي تأخير في تنفيذ البنود الأمنية والاقتصادية قد يعيد التوتر إلى الواجهة، خاصة في ظل هشاشة التفاهم بين حماس وإسرائيل، واستمرار الخلاف حول مستقبل سلاح المقاومة.

 


بينما تواصل واشنطن تسويق المرحلة الثانية من خطتها كـ"ممر إلى الاستقرار"، تبدو الأطراف الإقليمية منشغلة بتثبيت مكاسبها وتجنب الانزلاق إلى ترتيبات مفروضة أمريكيًا.
ويبقى اللقاء المرتقب بين ترامب ومحمد بن سلمان علامة فاصلة في رسم شكل المرحلة المقبلة، التي قد تحدد ليس فقط مستقبل غزة، بل موقع السلطة الفلسطينية ودور إسرائيل في إعادة تشكيل الشرق الأوسط بعد الحرب.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 10 + 1