زيارة ترامب المرتقبة لغزة... سلام مفخخ أم بداية لمرحلة دولية جديدة؟

2025.10.23 - 06:49
Facebook Share
طباعة

ترامب يعود إلى قلب الشرق الأوسط بشعار "السلام"

في خطوة وُصفت بأنها "مغامرة سياسية ودبلوماسية محفوفة بالمخاطر"، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عزمه زيارة قطاع غزة لترؤس "مجلس السلام"، وهو كيان جديد يقول إنه سيلعب دورًا محوريًا في "إعادة بناء الشرق الأوسط"، وفق تصريحاته لمجلة تايم.
الزيارة المحتملة، التي ستكون الأولى من نوعها لرئيس أمريكي إلى غزة، تأتي في سياق مرحلة انتقالية هشة بعد اتفاق "غزة الجديد"، الذي تم الإعلان عنه مطلع أكتوبر، وسط جدل واسع حول نوايا واشنطن وموقع "القيادة الفلسطينية" في خريطة الحل الجديدة.

 

"مجلس السلام": مبادرة شخصية أم غطاء لإعادة هندسة السلطة في غزة؟

ترامب، الذي أكد أنه لم يكن يسعى إلى هذا الدور لكنه "قَبِله بدافع الواجب"، قال إن المجلس "سيصبح هيئة مؤثرة جدًا في المنطقة"، مشيرًا إلى أن مهمته تشمل "إعادة بناء الثقة" و"ضمان تنفيذ اتفاق السلام خطوة بخطوة".
لكن خلف هذه التصريحات، تبرز تساؤلات حول طبيعة المجلس نفسه:

هل هو هيئة دبلوماسية أمريكية–دولية، أم آلية إشرافية ذات طابع سياسي بقيادة ترامب؟

وما مصير السلطة الفلسطينية وحماس في ظل هذا الهيكل الجديد؟


مصادر دبلوماسية غربية نقلت عن مسؤولين في الأمم المتحدة خشيتهم من أن "مجلس السلام" قد يكون غطاءً لتفكيك البنية السياسية الفلسطينية في غزة، ووضع القطاع تحت وصاية دولية بزعامة واشنطن.

 


رسائل ترامب: وحدة "الشرق الأوسط الجديد" باستثناء حماس

في المقابلة نفسها، اعتبر ترامب أن "الشرق الأوسط لم يكن موحدًا بهذا الشكل من قبل، باستثناء حماس"، التي وصف موافقتها على الاتفاق بأنها "شكلية".
وأضاف بلهجة تهديد واضحة:

> "إذا قررت حماس الخروج على هذه الاتفاقات، فلن يعترض أحد إذا اتخذنا الإجراءات اللازمة."

 

هذه التصريحات أثارت قلقًا في الدوحة وبيروت والقاهرة، حيث ترى أطراف عربية أن ترامب يستخدم "لغة القوة" أكثر مما يستخدم "لغة السلام"، وأن ما يطرحه هو "تطبيع أمني" أكثر منه مشروع مصالحة حقيقية.

 


خطة العشرين بندًا: من وقف النار إلى حكومة تكنوقراط بإشراف ترامب

تتألف الخطة الأمريكية التي أعلن عنها ترامب في 29 سبتمبر من 20 بندًا رئيسيًا، أبرزها:

وقف فوري لإطلاق النار مقابل الإفراج عن الرهائن خلال 72 ساعة.

تسليم إدارة القطاع لحكومة تكنوقراط فلسطينية تحت إشراف دولي.

استبعاد مشاركة حماس أو أي فصائل مسلحة في السلطة التنفيذية.

إشراف مباشر من مجلس السلام برئاسة ترامب على إعادة الإعمار والأمن.


هذه البنود، وفق مراقبين، تعيد إلى الأذهان "صفقة القرن" التي حاول ترامب تمريرها عام 2020، لكن في صيغة محدثة تتناسب مع ما يسميه هو بـ"شرق أوسط ما بعد حماس".


ارتياب فلسطيني وحذر عربي

في رام الله، وصف مصدر في الرئاسة الفلسطينية الخطوة بأنها "محاولة جديدة لتجاوز الشرعية الفلسطينية"، بينما رأت حركة حماس أن "ترامب يسعى لتبييض الاحتلال عبر شعارات سلام مزيفة".
أما في القاهرة، فمصدر دبلوماسي مصري أكد لـ"وكالة أنباء آسيا" أن أي ترتيبات تتعلق بغزة يجب أن تمر عبر الإجماع العربي، مضيفًا أن "إشراف شخصية سياسية أمريكية على إدارة القطاع أمر غير واقعي سياسيًا ولا مقبول سياديًا".


"ترامب سلام" أم "ترامب السيطرة"؟

يرى محللون أن ترامب يسعى من خلال هذا التحرك إلى تحقيق ثلاث غايات متداخلة:

1. استعادة حضوره الدولي عبر ملف الشرق الأوسط الذي شكل أحد رموزه خلال ولايته الأولى.


2. تحويل اتفاق غزة إلى منصة سياسية انتخابية تبرز صورته كـ"صانع سلام قوي".


3. فرض وصاية أمريكية مباشرة على غزة في مرحلة ما بعد الحرب، دون المرور بالمؤسسات الدولية التقليدية.

 

ويرجح خبراء أن هذه الخطوة قد تفتح الباب لصراع نفوذ جديد بين واشنطن وطهران، خصوصًا إذا شعرت الأخيرة أن المجلس الجديد يهدف لتقليص نفوذ محور المقاومة في غزة ولبنان.


غزة بين "مجلس السلام" ومجلس الوصاية

إعلان ترامب يضع المنطقة أمام مفترق جديد:
هل سيكون "مجلس السلام" منصة لإعادة بناء غزة تحت مظلة دولية، أم أداة لإعادة تشكيل المشهد الفلسطيني وفق الرؤية الأمريكية؟
الإجابة، كما يبدو، ستعتمد على مواقف القوى الفلسطينية والعربية في الأيام المقبلة، وعلى ما إذا كانت زيارة ترامب إلى غزة ستتحول إلى بداية مرحلة تسوية فعلية، أم فصل جديد من الوصاية السياسية تحت شعار السلام.
 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 8