في تصريحات وُصفت بالعنصرية والمستفزة، فجّر وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش جدلاً جديداً داخل إسرائيل وخارجها، بعد أن أعلن رفضه القاطع لأي اتفاق تطبيع مع السعودية إذا كان مشروطاً بإقامة دولة فلسطينية، قائلاً: "لا شكراً، استمروا في ركوب الجمال في الصحراء السعودية."
وجاءت تصريحاته خلال مؤتمر بعنوان "الهلاخاه في العصر التكنولوجي" الذي نظمه معهد زوميت وصحيفة "مكور ريشون" المقربة من اليمين الديني، حيث استخدم الوزير الإسرائيلي عبارات وُصفت بأنها “مليئة بالازدراء الثقافي”، في إشارة واضحة إلى رفضه أي تنازل سياسي مقابل اتفاق سلام مع الرياض.
التصريحات تأتي في لحظة دقيقة من الجهود الأمريكية لإحياء مسار التطبيع بين تل أبيب والرياض، إذ من المقرر أن يستضيف الرئيس الأمريكي الشهر المقبل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في البيت الأبيض، لبحث ملفات التعاون الإقليمي وصفقة التطبيع المحتملة.
لكنّ مواقف سموتريتش التي تُجسد الخط الأكثر تطرفاً داخل الائتلاف الإسرائيلي، تهدد بتقويض هذه المساعي، في ظل تأكيد الرياض المتكرر أنها لن تقدم على أي خطوة تطبيع قبل ضمان قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة، ضمن جدول زمني واضح ونهائي.
اليمين الإسرائيلي يعرقل المسار الأمريكي
الوزير سموتريتش، الذي يُعد أحد أبرز رموز التيار الديني القومي في الحكومة الإسرائيلية، يتبنى منذ سنوات خطاباً يرفض “أي كيان فلسطيني”، ويرى أن التنازل عن أراضٍ في الضفة الغربية أو غزة “خيانة للتوراة ولحق الشعب اليهودي في أرضه”.
ويرى محللون أن تصريحاته ليست مجرد زلة لسان، بل رسالة سياسية مقصودة إلى الولايات المتحدة وإلى نتنياهو نفسه، بأن اليمين المتشدد لن يسمح بأي تنازل ضمن صفقة التطبيع، حتى لو كانت تمثل مكسباً استراتيجياً لإسرائيل على المستوى الإقليمي.
الرياض تلتزم الصمت.. لكن الرسالة وصلت
حتى لحظة إعداد هذا التقرير، لم يصدر تعليق رسمي من السعودية على تصريحات الوزير الإسرائيلي، لكن مراقبين في الخليج وصفوها بأنها “إهانة مباشرة تمس كرامة الدولة” وتؤكد “حقيقة العقلية العنصرية في بعض أوساط الحكومة الإسرائيلية”.
ويعتقد محللون أن التصريحات ستترك تأثيراً سلبياً على الأجواء الدبلوماسية قبل لقاء بن سلمان – بايدن، وقد تدفع الجانب السعودي إلى إعادة تقييم مستوى الانخراط في المباحثات غير المعلنة مع واشنطن وتل أبيب حول ترتيبات التطبيع.
عنصرية متجددة في لحظة حاسمة
تكرّس تصريحات سموتريتش صورة اليمين الإسرائيلي كعقبة أمام أي تسوية شاملة، ليس فقط مع الفلسطينيين، بل أيضاً مع القوى العربية الكبرى مثل السعودية.
وبينما تراهن واشنطن على اتفاق تطبيع تاريخي يغير خريطة الشرق الأوسط، يبدو أن الخطاب الإسرائيلي الداخلي هو ما يهدد بإجهاض الحلم قبل أن يبدأ.