غارات إسرائيلية على البقاع اللبناني: تصعيد ميداني ورسائل استراتيجية تتجاوز الحدود

2025.10.23 - 01:57
Facebook Share
طباعة

شنّ الطيران الإسرائيلي صباح اليوم الخميس سلسلة غارات عنيفة استهدفت بلدات في منطقة البقاع شرقي لبنان، في تصعيدٍ نوعيّ اعتبره مراقبون تجاوزًا لحدود المواجهة التقليدية جنوب البلاد، ورسالة سياسية تحمل أبعادًا أوسع من الميدان.

 

 

بحسب مصادر ميدانية وشهود عيان، تركّزت الغارات على جرود بلدات النبي شيت وشمسطار وجنتا، في السلسلتين الشرقية والغربية للبقاع، كما استهدفت مواقع قريبة من الحدود السورية.

وأفادت المعلومات بأن الضربات تسببت بأضرار مادية في الأبنية المدنية، بينها ثانوية شمسطار الرسمية، حيث أصيب عدد من الطلاب نتيجة تحطّم الزجاج، فيما سُجّلت حالات هلع وإغماء داخل البلدة.

الجيش الإسرائيلي أعلن أن طائراته أغارت على "عدة أهداف تابعة لحزب الله"، مشيرًا إلى تدمير "معسكر تدريب وموقع لإنتاج الصواريخ الدقيقة"، إلى جانب مواقع عسكرية أخرى في منطقة شربين شمال لبنان، في ما وصفه بـ"ضربة استباقية لإحباط مخططات إرهابية ضد إسرائيل".

 

رسائل ميدانية تتجاوز الجنوب

توقيت الغارات ومواقعها تشير إلى أن إسرائيل وسّعت نطاق استهدافها ليشمل عمق الأراضي اللبنانية، بعد أن كانت عملياتها خلال الأشهر الماضية متركزة على الجنوب.


اختيار البقاع — بما يحمله من رمزية في منظومة حزب الله العسكرية واللوجستية — يعكس محاولة إسرائيل ضرب العمق الآمن للحزب، وقطع خطوط الإمداد والتواصل بين الداخل اللبناني والحدود السورية.

ويرى محللون أن العملية تأتي ضمن حملة الضغط الإسرائيلي المتصاعدة ضد ما تعتبره "تعزيزًا متزايدًا لقدرات الحزب الصاروخية"، خاصة في ظل تقارير تتحدث عن تطوير مخزون من الصواريخ الدقيقة بإشراف خبراء إيرانيين داخل لبنان.

 


الغارات خلّفت حالة من التوتر والهلع في القرى المستهدفة، فيما اكتفت الجهات الرسمية اللبنانية حتى الآن بمتابعة التطورات ميدانيًا دون إصدار بيان مفصّل.

 

 

يأتي هذا التصعيد في ظل توتّر متزايد على الجبهتين اللبنانية والسورية، وتخوفات إسرائيلية من تمدد خطوط الإمداد العسكرية التابعة لحزب الله.
كما يتزامن مع تطورات داخلية إسرائيلية تعيشها حكومة بنيامين نتنياهو، ما يجعل من التصعيد الميداني وسيلة لإعادة ترتيب الأوراق السياسية داخليًا، وإرسال رسائل ردع خارجية في آنٍ واحد.


شهدت مناطق البقاع خلال العام الماضي سلسلة غارات محدودة استهدفت مخازن ومواقع اتُّهم حزب الله باستخدامها لتطوير قدراته العسكرية، إلا أن هجوم اليوم يُعد الأوسع منذ بداية العام، ما يثير مخاوف من تحول الاشتباك المحدود إلى مواجهة أوسع.

وتُعد بلدتا النبي شيت وشمسطار من أبرز معاقل الحزب في البقاع، وتاريخيًا تمثلان عمقًا استراتيجيًا لعملياته العسكرية ولوجستياته بين لبنان وسوريا.

 

تُظهر الغارات الأخيرة أن إسرائيل تسعى إلى إعادة ترسيم معادلات الردع في الشمال اللبناني، عبر تكثيف الضربات داخل العمق، بينما يوازن حزب الله بين الرد التكتيكي المحدود وتجنب الانجرار إلى مواجهة شاملة.
غير أن استمرار هذا النمط من العمليات قد يدفع بالتصعيد نحو مربع الانفجار الإقليمي، ما لم تنجح الضغوط الدولية في احتوائه.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 7