سجّلت أسعار السلع والخدمات في لبنان ارتفاعاً كبيراً منذ نهاية 2019، مع استمرار تأثير الانهيار المصرفي والنقدي الذي بدأ يظهر بشكل واضح منذ النصف الثاني من تلك السنة. وتشير أحدث بيانات إدارة الإحصاء المركزي إلى أن الأسعار ارتفعت بنسبة 7.6% خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري.
وعند حساب الزيادة على أساس ثبات سعر الصرف واعتبار بدء الدولرة شبه الشاملة منذ نهاية 2023، يصل معدل الارتفاع إلى 27.1% بالعملات الأجنبية، ما يعكس الضغوط الحقيقية على القدرة الشرائية للمواطنين.
الأرقام القياسية للارتفاعات
تظهر المؤشرات الرسمية أن الارتفاع منذ نهاية 2019 حتى أيلول 2025 بلغ مستويات استثنائية. فقد ارتفع مؤشر أسعار جميع السلع والخدمات من 115 نقطة إلى 7603 نقاط، أي ما يعادل زيادة بنسبة 6511%. لكن بعض القطاعات سجلت زيادات أكبر بكثير:
المواد الغذائية: من 122 نقطة إلى 33,658 نقطة، بزيادة قدرها 27,488%.
الألبسة والأحذية: من 199 نقطة إلى 30,503 نقطة، بزيادة 15,228%.
الصحة والخدمات الطبية: من 98 نقطة إلى 5,368 نقطة، بزيادة 5,377%.
النقل: من 106 نقاط إلى 11,653 نقطة، أي بزيادة 10,893%.
المطاعم والفنادق: من 117 نقطة إلى 40,208 نقطة، أي ارتفاعاً بنسبة 34,265%.
الأثاث والتجهيزات المنزلية: من 133 نقطة إلى 16,510 نقطة، أي زيادة بنسبة 12,313%.
ويشير محللون اقتصاديون إلى أن هذه الأرقام لا تعكس بالضرورة كامل التكاليف التي يتحملها المواطنون مباشرة من جيوبهم، خصوصاً في القطاع الطبي، حيث غالباً ما يتم دفع تكاليف العلاج والاستشفاء والفحوصات مباشرة للأطباء والمستشفيات والمختبرات دون تسجيل كامل في المؤشرات الرسمية.
الأثر على الأجور والقدرة الشرائية
بالرغم من هذه الارتفاعات الكبيرة، فإن معدلات الأجور لم تشهد تغييرات ملموسة، خصوصاً في القطاع العام حيث تكاد لا تكون هناك زيادات، بينما يشهد القطاع الخاص تحسناً محدوداً في بعض القطاعات. ويترتب على ذلك انخفاض القدرة الشرائية للمواطنين بشكل كبير، مع استمرار تضخم تكاليف المعيشة مقارنة بالدخل المتاح.
ويؤكد الخبراء أن هذا التفاوت بين ارتفاع الأسعار وثبات الدخل يشكل ضغطاً اقتصادياً مستمراً على الأسر اللبنانية، ويزيد من أهمية مراقبة الأسواق ووضع سياسات لدعم القدرة الشرائية والحفاظ على الاستقرار المالي.
ملخص الأثر الاقتصادي
توضح البيانات الرسمية أن لبنان يواجه تحديات كبيرة في ضبط الأسعار والحفاظ على مستوى معيشي متوازن، مع الحاجة لتحديث مؤشرات الأجور وربطها بتكاليف المعيشة الفعلية. كما تظهر الحاجة إلى مزيد من السياسات الاقتصادية التي تضمن شفافية الأسعار، وتقلل من التأثيرات الكبيرة على الفئات الضعيفة، وتساعد على استقرار الاقتصاد في مرحلة التعافي.