تعيش مدينة البوكمال وريف دير الزور الشرقي أوضاعًا خدمية متدهورة، مع انقطاع شبه مستمر للتيار الكهربائي ونقص حاد في مياه الشرب، وسط شكاوى واسعة من السكان الذين يعانون صعوبات متزايدة في تسيير شؤونهم اليومية.
تشير تقديرات محلية إلى أن نسبة الدمار في البنية التحتية للمحافظة تتجاوز 80 في المئة، فيما لا تتجاوز الخدمات الأساسية المقدمة الحد الأدنى من الاحتياجات. ويصف السكان واقعهم بأنه "الأصعب منذ سنوات"، مع غياب أي حلول ملموسة من الجهات المعنية.
انقطاع طويل.. وتراجع ساعات التغذية
في مدينة البوكمال، تنقطع الكهرباء لساعات طويلة، ولا تصل إلا لفترات محدودة خلال اليوم، ما يربك الحياة اليومية للأهالي ويعطل الأعمال المنزلية والتجارية.
عدد من سكان المدينة أكدوا أن التيار الكهربائي لا يتجاوز بضع ساعات يوميًا، وغالبًا ما تكون الفولتية منخفضة وغير مستقرة، ما يتسبب بتلف الأجهزة المنزلية ويزيد من الأعباء المالية على الأسر.
يقول أحد سكان المدينة إن الأهالي اضطروا إلى شراء مولدات كهربائية صغيرة لتغطية بعض الاحتياجات، لكن تشغيلها يستهلك كميات كبيرة من الوقود الذي ارتفعت أسعاره، الأمر الذي جعلها خيارًا مرهقًا ماليًا ولا يمكن الاعتماد عليه لفترات طويلة.
مياه ملوثة ونقص في الإمداد
لا يقتصر التدهور على الكهرباء، فمشكلة المياه باتت أكثر إلحاحًا. سكان البوكمال وأجزاء من الريف الشرقي أكدوا أن المياه تصل متأخرة وغالبًا ما تكون ملوثة، مما يضطر الكثيرين إلى شراء المياه من الصهاريج الخاصة أو الاعتماد على المياه المعبأة.
تشير شهادات محلية إلى أن محطات الضخ تعمل بطاقة محدودة بسبب انقطاع الكهرباء المتكرر ونقص الوقود، ما يؤدي إلى تأخر ضخ المياه أو توقفه لفترات طويلة. كما تعاني الشبكات القديمة من أعطال وتسربات تزيد من تلوث المياه وضعف الضخ.
أحد المواطنين أوضح أن "تأمين المياه النظيفة أصبح هاجسًا يوميًا"، مشيرًا إلى أن "الكثير من الأسر تخصص جزءًا كبيرًا من دخلها لشراء مياه الشرب بسبب انعدام الثقة بجودة المياه الواصلة عبر الشبكة".
تكاليف إضافية وأعباء معيشية
مع استمرار أزمة الخدمات، تتزايد الأعباء الاقتصادية على السكان، خصوصًا في ظل تدني الدخل وارتفاع الأسعار.
تجار محليون أشاروا إلى أن انقطاع الكهرباء يؤثر سلبًا على تخزين المواد الغذائية وتشغيل الورش، ما يؤدي إلى خسائر اقتصادية متكررة. في المقابل، ترتفع أسعار السلع بسبب صعوبة النقل والتخزين وتكاليف تشغيل المولدات.
من جهة أخرى، أكد عدد من الموظفين أن ضعف الخدمات الأساسية ينعكس على القطاع التعليمي والصحي، إذ تعاني المدارس من نقص الإضاءة ووسائل التدفئة، فيما تواجه المراكز الطبية صعوبة في تشغيل الأجهزة الطبية بسبب الانقطاعات الطويلة.
مطالب بتحرك عاجل
السكان في البوكمال وريف دير الزور يطالبون بتدخل فوري من الجهات المختصة لإيجاد حلول مستدامة لأزمتي الكهرباء والمياه، مؤكدين أن استمرار الوضع الحالي يهدد الاستقرار المعيشي ويزيد من معاناة الأهالي.
كما يدعو الأهالي إلى صيانة محطات التوليد وضخ المياه، وتأمين الوقود اللازم للتشغيل المنتظم، إلى جانب العمل على إعادة تأهيل الشبكات المتضررة وتوزيع الخدمات بشكل عادل بين الأحياء.
تؤكد المعطيات الميدانية أن الأزمة الخدمية في دير الزور مرشحة للتفاقم ما لم يتم اتخاذ خطوات عملية عاجلة، خاصة مع تزايد أعداد السكان العائدين إلى المنطقة، وارتفاع الطلب على الكهرباء والمياه في ظل غياب الدعم الكافي.