من دبي إلى اللجوء.. دبلوماسي سوري يثير العاصفة في برلين

2025.10.21 - 11:40
Facebook Share
طباعة

 في تطور غير مسبوق داخل السلك الدبلوماسي السوري، وصل القنصل السابق لسوريا في دولة الإمارات العربية المتحدة زياد زهر الدين إلى ألمانيا، حيث تقدم رسمياً بطلب لجوء سياسي، بعد ساعات من انتشار تسجيل مصوّر أعلن فيه “انشقاقه” عن الحكومة السورية، ما أثار جدلاً واسعاً داخل الأوساط السياسية والإعلامية.

ووفقاً لمصادر مطلعة، فقد دخل زهر الدين الأراضي الألمانية قبل أيام، واستقر مؤقتاً في ولاية شمال الراين – فستفاليا، حيث باشر إجراءات اللجوء وفق القوانين الألمانية الخاصة بالحالات السياسية الحساسة. وتشير المصادر إلى أن طلبه قُدّم عبر قنوات رسمية وأنه يخضع حالياً لإجراءات أمنية وإدارية معتادة تشمل دراسة خلفيته الدبلوماسية ومسار عمله السابق داخل وزارة الخارجية السورية.


تصريحات مثيرة وانقسام في المواقف
التحول المفاجئ في مسيرة القنصل السوري أثار موجة من الجدل، خاصة بعد ظهوره في مقطع مصوّر قال فيه إنه قرر الانشقاق على خلفية ما وصفه بـ“الممارسات الأمنية ضد أهالي محافظة السويداء”، متهماً السلطات بـ“شن حملة إبادة جماعية” ضد أبناء طائفته، في إشارة إلى الأحداث الدامية التي شهدتها المحافظة خلال الأشهر الماضية.

وخلال التسجيل، أعلن زهر الدين تضامنه مع الموقف الذي تمثله الرئاسة الروحية للطائفة الدرزية بقيادة الشيخ حكمت الهجري، ودعا إلى “تأسيس كيان مستقل يمثل الطائفة” باعتباره “خياراً أخلاقياً وسياسياً في ظل ما تمر به البلاد”.

تصريحات القنصل السابق اعتُبرت من قبل بعض الناشطين المعارضين “تحولاً سياسياً لافتاً” داخل النخبة الدبلوماسية السورية، فيما وصفها آخرون بأنها “موقف متأخر” جاء بعد انتهاء خدمته الفعلية في الخارج، ما جعلها أقرب إلى رد فعل شخصي من كونها موقفاً سياسياً مؤسسياً.


رد الخارجية السورية: “قرار شخصي لا يمثل الدولة”
من جانبها، نفت وزارة الخارجية والمغتربين السورية صحة ما تم تداوله حول “انشقاق” أحد كوادرها، مؤكدة في بيان رسمي أن زياد زهر الدين نُقل إلى الإدارة المركزية في دمشق بموجب القرار رقم (209) الصادر في 20 أيلول/سبتمبر الماضي، أي قبل أسابيع من ظهوره الإعلامي. وبناءً على ذلك، فقد “انتهت مهامه في القنصلية العامة في دبي اعتباراً من تاريخ القرار”.

وشدّدت الوزارة على أن “أي تصريحات أو مواقف تصدر عن زهر الدين لا تمثل الدولة السورية أو سياساتها الرسمية، وإنما تعبّر عن موقف شخصي يتنافى مع الأعراف الدبلوماسية وأخلاقيات العمل القنصلي”.

كما أكدت أن القنصلية السورية في دبي تواصل تقديم خدماتها للمواطنين بشكل طبيعي، وتعمل تحت إشراف مباشر من وزارة الخارجية في دمشق، في إشارة واضحة إلى أن التغيير لم يؤثر على سير العمل القنصلي أو التمثيل الدبلوماسي بين البلدين.


خلفيات القرار الدبلوماسي
في سياق متصل، أفادت مصادر سورية أن قرار نقل زهر الدين جاء ضمن إعادة هيكلة دبلوماسية شملت عدداً من السفراء والقناصل في كل من الإمارات ومصر والجزائر وفرنسا، بهدف “تنشيط الأداء الخارجي وتدوير الكوادر الدبلوماسية”.

وتأتي هذه التحركات في وقت يشهد فيه الجهاز الدبلوماسي السوري مرحلة من التبدلات الداخلية، تزامناً مع سعي دمشق إلى إعادة فتح قنوات التواصل مع عدد من الدول العربية، بعد سنوات من العزلة السياسية والدبلوماسية.


تساؤلات حول الدوافع
في المقابل، اعتبرت شخصيات محليو أن خطوة زهر الدين “تحمل بعداً سياسياً يتجاوز الخلاف الإداري”، مشيرة إلى أن تصاعد التوتر في السويداء ربما شكّل عاملاً مباشراً في اتخاذ قراره، خاصة في ظل تزايد الانتقادات داخل الطائفة الدرزية للسياسات الأمنية المعتمدة في الجنوب السوري.

ويرى مراقبون أن طلب اللجوء السياسي في ألمانيا يضع القنصل السابق أمام مرحلة جديدة من حياته العامة، قد تفتح الباب أمام تحركات سياسية أو إعلامية خارج البلاد، خصوصاً إذا ما تم منحه الحماية القانونية والإقامة الدائمة.

وفي الوقت نفسه، يرى مقربون من الحكومة السورية أن ما فعله زهر الدين “محاولة لتبرير خروجه من المنصب بطريقة مثيرة للضجة”، معتبرين أن “التحريض على الانفصال أو تشكيل كيان طائفي” يتنافى مع الدستور السوري ومع القيم الوطنية التي يلتزم بها السلك الدبلوماسي.

ومع تزايد الجدل حول خلفيات مغادرته، يبقى مصير القنصل السابق رهن قرار السلطات الألمانية بشأن طلب اللجوء، وسط تساؤلات واسعة عن ما إذا كانت قضيته حالة فردية أم بداية تصدّع جديد داخل النخبة الدبلوماسية السورية.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 4 + 6